config

القائمة البريدية

استطلاع الرأي

أين يقع المنبر والمحراب الرئيسين في المسجد الأقصى؟

داخل قبة الصخرة الواقعة في منتصف ساحات المسجد - 25%
داخل المصلى الجنوبي القبلي - 75%

التحويل بين التقويم الهجري والميلادي

التاريخ الميلادي
التاريخ الهجري
اليوم الموافق :

اليوم الشمسى:

رسالة

التقارير

تقدير موقف حول الاتفاق الأردني الإسرائيلي حول الأقصى برعاية أمريكية في 24/10/2015

تقدير موقف
الاتفاق الأردني الإسرائيلي حول الأقصى برعاية أمريكية في 24/10/2015

إصدار إدارة الأبحاث والمعلومات
مؤسسة القدس الدولية
28/10/2015

 

ملخص:


أعلن وزير الخارجية الأمريكي عن اتفاق أردني-"إسرائيلي" حول الأقصى في عمان في 24/10/2015 تمحور حول احترام "إسرائيل" للدور الأردني في المسجد، وتعهد إسرائيل بالحفاظ على الوضع القائم وتخصيص المسلمين بالصلاة وغير المسلمين بالزيارة، ونصب كاميرات لمراقبة المسجد الأقصى على مدى 24 ساعة لمعرفة مصادر الاستفزاز. جاء هذا الاتفاق ليحمل سلبيات بينها قبوله الضمني بتغيير الوضع القائم، وتحويل "زيارة" اليهود إلى حق مكتسب، واقترح آلية رقابية كانت محل رفض أردني متتالٍ ولا تحقق أي ضمانات، وكانت له إيجابيات بينها الاعتراف الدولي الضمني بأن "إسرائيل" هي من غيرت الوضع القائم، وأن تجاوزاتها في الأقصى هي السبب الرئيس لهذه الهبة**، وأكد أن المسجد الأقصى لا يزال محل أولوية سياسيةٍ أردنية. بعد تحليل دور الأطراف المباشرة وغير المباشرة في الاتفاق، تخلص الورقة إلى 3 سيناريوهات: التطبيق والتفاهم على المضمون، التطبيق حسب رؤية كل طرف، والإفراغ من المضمون، ويبدو السيناريوهان الثاني والثالث هما الأقرب للحصول.


جاء إعلان وزير الخارجية جون كيري لبنود اتفاق أردني إسرائيلي توصل له بعد لقائه الملك الأردني عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس في سياق تحركٍ دولي لاحتواء الهبة الشعبية المستمرة للأسبوع الرابع على التوالي في القدس والضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، وركز على النقطة التي انطلقت منها هذه الهبة، وهي محاولة فرض التقسيم الزماني والتمهيد للتقسيم المكاني في المسجد الأقصى المبارك، والورقة الآتية تحاول قراءة الخلفيات وتحليل بنود الاتفاق وتقييم مسارات التطبيق المحتملة له على الأرض.

 

أولاً: خلفية الاتفاق ومضامينه:

 

انطلقت الهبة الشعبية في القدس وانتشرت إلى أنحاء الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948 نتيجة ظروفٍ عدة، أهمها استمرار الاحتلال وتوسع الاستيطان، وغياب أي عمليةٍ سياسية تحمل أفقاً بإنهاء الاحتلال أو حتى فرض تراجعٍ محدودٍ عليه، وتزايد اعتداءات المستوطنين المتطرفين في أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس، وجاءت محاولة فرض التقسيم الزماني التام للمسجد الأقصى خلال فترة الأعياد اليهودية لا سيما عيد رأس السنة العبرية (13-16/9/2015) وعيد العُرش اليهودي (29/9-6/10/2015) لتشكل ذروة الاستفزاز والشرارة التي أطلقت هذا التحرك الشعبي الواسع، والذي سبقته مجموعة من عمليات المقاومة الفردية التي مهّدت له على مدار عامٍ كامل.
جاء التحرّك الأمريكي لاحتواء الهبة الشعبية بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على انطلاقتها، وفشل الإجراءات الأمنية الإسرائيلية في إحباطها، وعدم تدخّل الأجهزة الأمنية الفلسطينية في قمعها بشكلٍ واسعٍ ومباشر، رغم استمرار تنسيقها الأمني مع الاحتلال في مستوياته السابقة. ولأن السبب المباشر لانطلاق الهبة كان المسجد الأقصى، فقد استدعى ذلك دوراً أردنياً أساسياً لكون الأردن يتولى مسؤولية إدارة المسجد الأقصى وإعماره وصيانته والإشراف على الأوقاف والمحاكم الشرعية في مدينة القدس. وكان هذا الشكل من التحرك السياسي الرباعي: الأمريكي الأردني الفلسطيني الإسرائيلي قد تم لاحتواء هبة رمضان في القدس في شهر 7/2014، والتي شكلت المقدمة التي سبقت حرب غزة في حينها.


أُعلن الاتفاق من طرف وزير الخارجية الأمريكي وبلغته، ورغم أنه كان يقرأ من نصٍّ مكتوب إلا أن الاتفاق بحدّ ذاته لم يكن مكتوباً أو موقعاً، وهذا ما يجعله أقرب إلى مبادرة أمريكية منه إلى اتفاق، كما عدم تحديد بنود الاتفاق بنصٍّ تعطي كل طرفٍ مساحةً واسعةً في تفسيره وفق وجهة نظره.

 

يمكن تلخيص الاتفاق كما أعلنه كيري بالمكونات الآتية :


1-    أن تحترم "إسرائيل" "الدور الخاص" للأردن كما ورد في اتفاقية السلام بين الطرفين، و"الدور التاريخي للملك عبد الله الثاني".

2-    "إسرائيل" ستستمر في تطبيق "سياستها الثابتة في ما يخص العبادة الدينية"، في المسجد الأقصى بما فيها الحقيقة الأساسية بأن "المسلمين هم من يصلون" وبأن "غير المسلمين هم من يزورون".

3-    بأن "إسرائيل" ترفض تقسيم المسجد الأقصى، وترفض "أي محاولة" للقول بغير ذلك.

4-    "إسرائيل" ترحب بالتنسيق المتزايد بين السلطات الإسرائيلية وإدارة الأوقاف، بما في ذلك "التأكد من أن الزوار والعبّاد يبدون الانضباط ويحترمون قداسة المكان انطلاقاً من مسؤوليات كلٍّ منهم".

5-    موافقة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو على اقتراح الأردن بـ"توفير" تغطية مصورة على مدار 24 ساعة لكل المواقع داخل المسجد الأقصى، ما يوفر سجلاً "شاملاً وشفافاً" لما يحصل فيه، وهذا قد يثبط كل من يحاول تشويه قداسة المكان.

بعد تلاوة نص الاتفاق على لسان وزير الخارجية الأمريكي، أثنى مضيفه الأردني ناصر جودة على جهوده، مؤكداً بأن الأردن "ليس وسيطاً ولا مراقباً" في هذه المسألة، بل طرف من الأطراف، ومؤكداً أن مساحة المسجد الأقصى المقصودة بالحديث هي 144,000 م2.

 

ثانياً: تحليل الإيجابيات والسلبيات:
أ‌.    سلبيات الاتفاق:

 

1.    جاء الاتفاق في سياق الالتفاف على الهبة الشعبية في القدس، ليبني على قراءة مغلوطة للمصالح الأردنية تفترض استمرار الأوضاع التي كانت قائمة في تسعينيات القرن الماضي عند توقيع اتفاقية وادي عربة، رغم أن مستجداتٍ كثيرة طرأت تستدعي مراجعة هذه القراءة ومدى تحقيقها للمصالح الأردنية: إذ تراجع الدور الأمريكي العالمي، ووصلت التسوية السياسية مع الفلسطينيين لطريق مسدود مرة بعد مرة، ولم يعد من الممكن حتى استدامة العملية التفاوضية، ومرّ المجتمع الإسرائيلي بحركة تاريخية نحو اليمين صدّرت إلى سدة القيادة تياراتٍ ترى ضرورة السيطرة على المسجد الأقصى، وترى ضرورة تحقيق النقاء الديمغرافي لـ"الدولة اليهودية" وتدعو علناً إلى الترانسفير وتبادل السكان وتنظر للدولة الأردنية على أنها الدولة الفلسطينية الحقيقية، وهي كلها مستجدات تفرض على صانع القرار الأردني إعادة قراءتها بجدية وقراءة تداعياتها المقبلة، ويبدو أنه مدفوعاً بضغوط عدم استقرار الإقليم لا يرى حلاً سوى الالتصاق بالدولة الصهيونية أكثر دونما اعتبار لكونها هي بحد ذاتها مصدر خطرٍ مباشرٍ، وهو ما تدلل عليه اتفاقيات ناقل البحرين وشراء الغاز.

 

2.    استعجل الاتفاق المقايضة مع الحكومة الإسرائيلية مقابل التراجع –المؤقت والشكلي غالباً- عن إجراءات التقسيم العلنية، ودفع مقابلاً لذلك سنقرؤه في البنود الآتية، مع أن هذا التراجع كان من الممكن انتزاعه تحت ضغط الهبة الشعبية واستمرارها، لكن الموقف المسبق للأردن تجاه هذه الهبة واستعجال تطويقها -والمبني على القراءة أعلاه- دعاه لدفع مقابلٍ غير ضروري في شروط إدارة المسجد، في حين لا يبدو موضوعياً أن هناك أي خطورة على الأردن من استمرار هذه الهبة الشعبية، بل هي تحقق مصالحه في مواجهة تغول الدولة النووية المجاورة له.

 

3.    تحدث الاتفاق عن الوضع القائم Status Quo، ومصطلح الوضع القائم في القانون الدولي يشير إلى حالة كانت قائمة عند حصول تغيير أو حدث سياسي محدد، ويعيد دارسو القانون الدولي مصطلح الوضع القائم أساساً إلى المادة 62 من اتفاقية برلين لعام 1878 بين القوى الأوروبية الكبرى والدولة العثمانية، والتي تدار المقدسات المسيحية ومواقع الطوائف بموجبها حتى الآن، بينما يرجعه آخرون للوضع الذي كان قائماً قبل عام 1967، وإلزام إسرائيل بالحفاظ على المقدسات على وضعها الذي كانت عليه قبل الاحتلال. ورغم أن إسرائيل أخلت بهذا الوضع القائم في الأيام الأولى للاحتلال، إلا أنها وتحت ضغوط ومخاوف متعددة أعادته إلى ما كان عليه، وأعادت المسجد الأقصى إلى عهدة الأوقاف الأردنية في 31/7/1967، ما يجعلها مصادقةً فعلياً على هذا الوضع القائم، ويحرمها في القانون الدولي من أي حقٍّ للاعتراض عليه، ليس لأنها لم تعترض عليه عندما قام فقط، بل لأنها أسهمت بإرادتها في تكريسه. الوضع القائم انطلاقاً من ذلك يشير إلى حقبات كان فيها المسجد الأقصى مقدساً إسلامياً خالصاً، لا ينازع المسلمين أحدٌ فيه. ما يفعله نتنياهو اليوم هو محاولة اللعب على لفظة "القائم" ليقصد به ما هو قائم "الآن" بعد التغييرات التي أجراها الاحتلال على مدى عقودٍ من الزمن، لكن هذه الفذلكة اللفظية لا قيمة لها إن لم تجد من يقبلها ويمررها على الطرف الآخر.
على الرغم من ذلك، أشار كيري في تعريفه للوضع القائم إلى أن "المسلمين هم من يصلون" و"غير المسلمين هم من يزورون"، وهذا بحد ذاته تغيير للوضع القائم، فالمفهوم أن المسجد الأقصى كان –في الفترات المشار إليها- مقدساً إسلامياً خالصاً، ودخول غير المسلمين إليه هو أمر راجع لرغبة المسلمين أنفسهم، وتحت عنوان "السياحة"، وهو ليس حقاً ملزِماً على المسلمين لمصلحة أتباع أي دين آخر، أما اتفاق كيري فيتحدث عن الزيارة متساوية مع الصلاة، وهذا يجعلها ملزمةً للمسلمين.

 

4.    يقترح الاتفاق آلية رقابية، عبارة عن كاميرات مفتوحة لمعرفة "مصدر الاستفزاز"، وهذه إشارة ضمنية إلى استمرار الوجود اليهودي في المسجد، وبأن القضية تتعلق بـ "مصدر الاستفزاز"، أي بمن يتعدى على "حق" الآخر، مع أن مجرد دخول اليهود هو المصدر الأساس للاستفزاز. ما يدعو للتوقف هنا أن هذه النقطة كانت على الدوام مصدر اعتراضٍ أردني، إذ اعترض الأردن عند بدء سلطات الاحتلال بتركيب كاميرات المراقبة حول المسجد عقب انطلاق انتفاضة الأقصى عام 2000، وخلال مراحل تطويرها وتوسيعها عاميْ 2005 و2013، لكنه اليوم يقبل باتفاقٍ يعتبر وجود كاميرات المراقبة ضمانته الأساسية، دونما سببٍ مفهومٍ يفسر هذا الانقلاب في الموقف.

 

5.    الأخطر هو ما لم يذكره الاتفاق المعلن على لسان كيري: إذ تحدّث مصدر أردني مسؤول لم يفصح عن اسمه لجريدة الرأي الأردنية –الجريدة الناطقة باسم الدولة- بإصرار الأردن على استعادة صلاحية إدخال السياح كما كانت قبل عام 2000، وذلك قبل يومين من إعلان هذا الاتفاق . هذا قد يشير إلى نيةٍ لتنظيم دخول اليهود إلى المسجد من خلال الأوقاف الأردنية تحت بند "السياحة"، وهو أمرٌ كان تقرير مجموعة الأزمات الدولية الصادر في30/6/2015 قد أشار إليه . هذا التغيير –إن حصل- يشكّل إقراراً بأحقية اليهود في الدخول للمسجد وبمشروعيتها من طرف الجهة الإسلامية التي تتولى إدارته، لكونه سيجري بإشرافها وتحت إدارتها.
قد يبدو هذا التغيير للوهلة الأولى منعاً لفكرة التقسيم الزماني المباشر، ومحاولةً لتجنب دخول الدولة الصهيونية كطرفٍ يدير المسجد الأقصى مباشرةً كما كانت تتأمل، إلا أنه ينفذ عملياً مقتضى ما كانت تسعى إليه، كما أنه يقفز عن حقيقة كونها لا تزال تتحكم بأبواب الأقصى من الخارج، ومن الممكن لها تاليًا أن تدير التقسيم عملياً بحكم الأمر الواقع.
على أي حال، سيشكّل هذا الاتفاق من هذه الزاوية تراجعاً كارثياً من وجهة نظر متطرفي "المعبد" على الطرف الصهيوني، وسيعملون على إجهاضه وإفراغه من محتواه بكل ما لديهم من قوة، لأنه سيعني دخولهم كيهود إلى "أقدس مقدساتهم" كـ "سياح" تحت المظلة الإسلامية، وهو ما يمنع القبول الإسرائيلي به حتى الآن.

 

6.    من حيث الشكل، جاء الاتفاق على لسان وزير الخارجية الأمريكي الذي لا يعدّ وسيطاً نزيهاً ولا خالياً من المصالح في هذه المسألة، خصوصاً أن تقارير الحرية الدينية الصادرة عن وزارته تطالب الحكومة الصهيونية بشكل سنوي بتحسين شروط دخول اليهود إلى المسجد الأقصى، كما أنها تصر على إرفاق تسمية "الحرم الشريف" التي تطلقها على المسجد بمصطلح "جبل المعبد" حيثما وردت، فتعتبر أن الحق اليهودي فيه موازٍ للحق الإسلامي بخلاف موقف القانون الدولي. وقد ورد ذكر الاسمين مقترنين 8 مرات في النص الذي تلاه كيري، 5 مرات منها ابتدأ بتسمية "جبل المعبد"، بينما ابتدأ 3 مرات فقط بتسمية "الحرم الشريف". هذا يجعل ترك النص لوزير الخارجية الأمريكي لقراءته يشكل إخفاقاً إضافياً، لأنه يشكل تعزيزاً تلقائياً للموقف الإسرائيلي من خلال تركيب النص وطريقة تلاوته.

 

ب‌.    إيجابيات الاتفاق:

 

1.    شكّل الاتفاق اعترافاً دولياً ضمنياً بأن سبب الهبة الحالية هو ما أجرته الحكومة الإسرائيلية من محاولاتٍ لفرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك.

 

2.    جاء الاتفاق من دون لقاءٍ مباشر مع نتنياهو، وعبر الوساطة الأمريكية، ولم يشر وزير الخارجية الأردني إلى مضامينه، وبدا أن الأردن ينتظر أن يُعلن قبول هذا الاتفاق من طرف نتنياهو، وهو ما يشير إلى عدم ثقة أردنية تجاه نتنياهو في هذا الملف، وعدم الرضا عن محاولاته الأخيرة لفرض التقسيم الزماني والمكاني.

 

3.    جاء الاتفاق ليركز على المسجد الأقصى المبارك تحديداً، وهذا يشير إلى بقاء المسجد الأقصى ضمن الأولويات السياسية للدولة الأردنية، وعلى رغبتها في تغطية الملف سياسياً انطلاقاً من فهمها لقيمته، وعدم ميلها للانسحاب السياسي منه والاكتفاء بإدارة الحد الأدنى له، وهو أحد الخيارات القائمة أمامها لكن يبدو أنها تستثنيه. في واقع الأمر جاءت تصريحات الملك عبد الله الثاني في 18/9 حول عدم السماح بالتقسيم الزماني أو المكاني للمسجد، وبأن المسجد الأقصى بكامل مساحته مقدس إسلامي لا يقبل التقسيم سابقةً لأي ضغوطٍ شعبية داخلية مطالبة بهذا الموقف، وهذا يشير موضوعياً إلى وجود هذا الثابت ضمن ثوابت السياسة الأردنية، بغض النظر عن فعالية تحقيقها له عملياً.

 

4.    جاء الاتفاق ليقتنص لحظة ضعف إسرائيلية ليحاول فرض تراجع إلى الوراء –بغض النظر عن شكله ونوعه- في ملف تهويد المسجد أو محاولة تقسيمه، وهذا يشير إلى أن محاولة الحفاظ على المسجد الأقصى المبارك تقع ضمن أولويات السياسة الأردنية، وإن كانت المشكلة تكمن في طريقتها لتطبيق ذلك، وفي قراءتها لخارطة حلفائها القادرين موضوعياً على دعمها في هذه الجهود.

 

ثالثاً: الأطراف المباشرة وغير المباشرة وردود فعلها المحتملة:

 

انطلاقاً من مضمون الاتفاق وطريقة إعلانه يمكن اعتبار الأردن و"إسرائيل" والولايات المتحدة أطرافاً مباشرة في هذا الاتفاق، بينما تعتبر السلطة الفلسطينية، والجماهير الفلسطينية المنتفضة، والدول العربية والإسلامية أطرافاً غير مباشرة فيه.

 

على مستوى الأطراف المباشرة:

 

1.    الأردن: قد يكون الأردن الطرف الوحيد المعني بتطبيق الاتفاق، والذي يتطلع إلى إعادة صلاحيات تنظيم دخول السياح إلى الأوقاف الأردنية من خلاله ضمن اجتهاده لمنع التدخل الإسرائيلي المباشر.

 

2.    الدولة الصهيونية: يدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو هذا الاتفاق بحكومة يحتل نشطاء المعبد 7 من مقاعدها (28% من عدد المقاعد الوزارية)، وهو غير معنيٍّ بانفراطها أو بافتعال أزماتٍ تؤدي إلى تفكك تحالفه الحاكم الضيق، ومن هنا يتوقع أن يعتبر نتنياهو أن الاتفاق تأكيد لممارسة "إسرائيل" التي كانت قائمة قبل الانتفاضة من حيث "حق اليهود" في "الزيارة"، وأن يحاول تطبيق إجراءات محدودة تتعلق بالحد من عدد المقتحمين وحدة الاقتحامات، يساعده في ذلك انقطاع الأعياد اليهودية حتى شهر 3/ 2016، بل قد يميل لتنفيذ اقتحامات مباشرة بعده لتأكيد الفهم الإسرائيلي لهذا الاتفاق، كما يتوقع أن يميل لتزويد الأوقاف بخط من الكاميرات الإسرائيلية القائمة وعدم تركيب أي كاميرات جديدة. داخلياً ستكون "جماعات المعبد" أكثر طرفٍ معني بإفراغ هذا الاتفاق من مضمونه، وباستمرار التحريض والدعوة للاقتحامات، ورفض أي دورٍ للأوقاف الأردنية.

 

3.    الولايات المتحدة: للإدارة الأمريكية الحالية سجل طويل من التراجع أمام حكومة نتنياهو، من فشلها في فرض وقفٍ للاستيطان لاستئناف التفاوض، إلى فشلها في تمرير مبادرة كيري لإنعاش عملية السلام أواخر شهر تموز/يوليو عام 2013، ولا يبدو أنها في الـسنة المتبقية لها قادرة على أن تتحكم أو حتى تتدخل بشكل التفسير والتطبيق الإسرائيلي لهذا القرار.

 

على مستوى الأطراف غير المباشرة:

1.    السلطة الفلسطينية: من الواضح أن السلطة الفلسطينية لم تتدخل مباشرة في قمع الانتفاضة بقوة بانتظار الاعتراف السياسي بها وبدورها، وإعادة الاعتبار لها بالعودة للمفاوضات، وهي ستميل بالتالي لمحاولة تفريغ الاتفاق من مضمونه بانتظار فرصة أخرى تكون هي في مركزها، وهي غالباً ممتعضة من التوصل إلى اتفاق لتهدئة الأوضاع في عمان، وبترتيب لقاء كيري برئيسها على هامش لقائه بملك الأردن، ولعلّ تصريحات وزير خارجيتها رياض المالكي كشفت هذا الموقف حين قال معقباً على الاتفاق إن "الفلسطينيين وقعوا في الفخ" .

 

2.    الجماهير الفلسطينية: تبقى هذه الجماهير هي اللاعب الأهم والأساسي الذي يدور كل الاتفاق حول احتواء هبته الحالية، وإذا ما أصرت هذه الجماهير على اعتبار دخول اليهود للأقصى أمراً غير مقبول ويستحق المواجهة تحت أي عنوانٍ جاء، فستفرض هي نسختها للوضع القائم الذي يفترض أن يسود في المسجد.

 

3.    الدول العربية والإسلامية: يميل معظم اللاعبين الإقليميين منهم إلى تأييد التهدئة واحتواء الهبة الشعبية، بينما يميلون لاعتبار إدارة المسجد الأقصى شأناً أردنياً قلما يجري التدخل فيه، ولا يتوقع أي دور إقليمي فاعل للتدخل في تطبيق هذا الاتفاق أو منعه.

 

رابعاً: السيناريوهات المحتملة لتطبيق الاتفاق:

 

انطلاقاً من ذلك يمكن اعتبار أن هناك ثلاثة سيناريوهات أساسية متوقعة:

الأول: سيناريو التطبيق والتفاهم على مضمون الاتفاق: بحيث تعاد صلاحيات إدخال السياح للأردن، وتعود له السلطة الكاملة في إدارة المسجد ويتولى هو تنظيم دخول "الزوار" إليه بما فيهم اليهود، وتكتفي "إسرائيل" بدورها على بوابات المسجد من الخارج، وهذا سيناريو يسعى له الأردن وتتجنبه "إسرائيل" لطبيعة الائتلاف الحاكم فيها، والنزعة المجتمعية اليمينية السائدة والآخذة بالتصاعد فيها، وتناهضه "جماعات المعبد"، ويحظى بتأييدٍ أمريكي خجول.

 

الثاني: سيناريو التطبيق بحسب رؤية كل طرف: بحيث يمضي كل طرف لتطبيق ما فهمه من الاتفاق، وينتج عن ذلك أمر واقع جديد يجري التفاهم على تثبيته وعدم معارضته، وتستمر "إسرائيل" في السيطرة على دخول "الزوار"، والتحكم بساعات الدخول مع رفع مستوى التنسيق مع الأوقاف الأردنية وتخفيض حجم ونوع الاقتحامات في ساعات التوتر.

 

الثالث: سيناريو الإفراغ من المضمون: وهو امتداد للسيناريو الثاني، بحيث يمضي كل طرف في الدفع نحو ما يريد ميدانياً، بما فيها "جماعات المعبد" الإسرائيلية بتكرار محاولات الاقتحام وتصعيدها، يقابلها استمرار الفعل الفلسطيني الشعبي الواسع، وهذا يؤدي لإفراغ الاتفاق من مضمونه عملياً، مع بقاء أسباب التوتر قائمة، ويدعو إلى جولات جديدة من التفاوض والبحث عن الحلول، وهذا ما تنتظره قيادة السلطة الفلسطينية كذلك.

 

انطلاقاً مما تقدم، يبدو السيناريو الأول مستبعداً، ويبدو السيناريوهان الثاني والثالث محتملين، مع احتمالية تقدم السيناريو الثالث.

 

خامساً: توصيات:

 

1.    الترحيب بأي تقدمٍ يعيد للأوقاف الإسلامية حقوقها الأصيلة والطبيعية في إدارة المسجد الأقصى المبارك، وعدم تحويل الصراع على المسجد الأقصى إلى صراع داخلي عربي وإسلامي، فتنجح "إسرائيل" بتصدير الأزمة الأساسية إلينا كأمة، مستفيدة من قراءة مغلوطة لدى الطرف الذي مرّر هذه الاتفاقية.

 

2.    التركيز على الإقرار الدولي الضمني بأن التجاوزات الإسرائيلية في الأقصى هي عقدة الصراع، ومجرد بدء محاولات التهدئة من المسجد الأقصى يشكل إقراراً بحصول تغييرات فرضتها "إسرائيل" فيه بخلاف الوضع القائم، وهذا بحد ذاته يشكل إدانة لـ"إسرائيل" كمتسبب بما يحصل الآن والتركيز على أنه يحرمها من لعب دور الضحية، ويحرمها من المطالبة بإبقاء أي من التغييرات التي أجرتها وتسببت بالهبة الحالية.

 

3.    دعوة الأردن لإعادة قراءة علاقته مع "إسرائيل" في ضوء التغيرات التي حصلت فيها خلال العقدين الماضيين والتحول الاجتماعي والسياسي العميق نحو اليمين، والخطر المتتالي الذي ستشكله في ملف المسجد الأقصى والترانسفير على الدولة الأردنية.

 

4.    دعوة الأردن كذلك لإعادة قراءة علاقته بالهبات الشعبية الفلسطينية من موقع الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، فهذه الهبات انطلقت إجمالًا من نقطة حماية المسجد الأقصى، وهي قوة دافعة مهمة لحماية الأقصى وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ولا بد من مد يد الدعم والإسناد لها، والاستفادة من تقدمها وتوسعها، لا العمل على الالتفاف عليها.

 

5.    اعتبار دخول المستوطنين الصهاينة إلى المسجد الأقصى مرفوضاً ومداناً ولا يمكن القبول به تحت أي يافطةٍ جاء، ودعوة الهبة الشعبية للاستمرار طالما هناك مستوطن واحد يدخل للأقصى بغض النظر عن اليافطة التي يدخل تحتها، ودعوة المرابطين والمرابطات للتصدي له بكل الأشكال، فالخلاف الأساس يتعلق برفض اقتحام المتطرفين اليهود ومحاولة مشاركتهم للمسلمين في المسجد، وليس في اليافطة التي يدخلون تحتها.

 

6.    لا بد من وضع أهداف محددة تتعلق بالمسجد الأقصى المبارك من هذه الهبة، ومحاولة انتزاعها في حال التمكن من استدامة هذه الهبة، والسعي إلى بناء استراتيجية فلسطينية وأردنية وعربية وإسلامية للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك ودعم جهود الشعب الفلسطيني في حمايته ضمن المعطيات الحالية. ونقترح في هذا السياق أن تشمل تلك الأهداف تراجع الاحتلال عن مخططات تقسيم الأقصى، وفتح المسجد أمام المصلين بلا قيود، وعدم التدخل في إدارة المسجد وترك إدارته لدائرة الأوقاف حصرًا عملًا بالوضع القائم قبل احتلال القدس كاملة عام 1967.

 

على بُعد أمتار من مدرستها، أصابتها رصاصات الاحتلال؛ بعد أن صرخ مستوطن: "إرهابية، إرهابية"!

 بقلم: جُمان أبو عرفه
الناشر الأصلي: كيوبرس
بتاريخ: 15-10-2015م

 

اليدان اللتان حملت بهما الطالبة المقدسية مرح بكير حقيبتها مغادرةً مدرستها، اخترقت إحداهما رصاصتان فتتت عظامها، بعد قيام قوات الاحتلال بإطلاق النار على مرح -16- عاما ظهر الاثنين الماضي بزعم محاولتها طعن مستوطن في حي الشيخ الجراح بالقدس المحتلة.

 

انتشرت يومها صور مرح ملقاة على الأرض وزيها المدرسي تملؤه الدماء، ويحيط بها جنود الاحتلال من كل جانب، لكن لا صور لأي مستوطن مصاب أو نازف!

 

منعوا أهلها من رؤيتها والاطمئنان على صحتها
يؤكد خال الفتاة طارق المبيض لـ"كيوبرس" أن ابنة اخته لم تطعن أحدا، وأن مستوطنا حاول مضايقتها وبدأ بالصراخ بكلمة "إرهابية" لتأتي قوات الاحتلال وتطلق الرصاص على مرح بدون بيّنة أو دليل.

 

ويضيف المبيض: "نقلوا مرح إلى مشفى هداسا عين كارم في القدس تحت حراسة أمنية ومنعوا والديها من رؤيتها والاطمئنان عليها، حتى انهم رفضوا أن تقوم محاميتها سناء الحرباوي من التقاط صورة لها لنطمئن عليها". في غضون ذلك أخبر الأطباء المحامية الخاصة بمرح أن وضعها الصحي مستقر، مع احتماليّة تضرر أعصاب يدها اليسرى.
 


محكمة غيابية ولا وجود لمن زعموا إصابته!
عقدت محكمة الاحتلال للفتاة بكير- من بلدة بيت حنينا- جلسة محاكمة غيابية يوم الثلاثاء الماضي ثم قامت بتأجيلها للأحد القادم مع عدم عرض هوية المستوطن المصاب ولا صوره؛ بحجة أن الملف سريّ، ثم ادعوا لاحقا في جلسة المحكمة أن المصاب شرطي وليس مستوطنا كما ادعوا في البداية وسط تضارب واضح في الرواية الاحتلالية، وضبابية في الأدلة.

 

من الجدير ذكره أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيه مرح لمضايقات المستوطنين عند مغادرتها لمدرستها، فشقيق مرح الأكبر موسى بكير يؤكد أنها كانت تشتكي من مضايقات المستوطنين لها ولزميلاتها أحيانا كثيرة.
 
 
الاحتلال يستدعي خمسة من زميلات مرح!
استدعى الاحتلال في نفس اليوم أربعة من زميلات مرح من داخل مدرستهن، رغم أنهن لم يتواجدن في مكان الحادثة، ثم عاد ليستدعي زميلة خامسة يوم الثلاثاء الماضي ويحقق معها في نفس القضية؛ في محاولة منه لإرهاب زميلاتها وإجبارهن على الاعتراف بما لم يحدث خصوصا وأنهن لم يرين الحادثة أبدا.

 

وفي ذات السياق غابت طالبة أخرى عن الوعي على بعد أمتار من مكان الحادثة بسبب خوفها الشديد، لتهذي بعد استيقاظها باسم مرح وبجملة" اليهود طخوا مرح!".


دفتر كُتب عليه بخط ركيك: "سامحيني يا أمي"
استدعت شرطة الاحتلال في نفس لحظة وقوع الحادثة والدي الطالبة مرح بكير إلى مركز التحقيق "المسكوبية"، وهناك جلب المحقق لأم مرح دفترا جديدا كُتب عليه بخط ركيك وقلم ملون عبارات مثل: "سامحيني يا أمي، أنا بحبك ما تزعلي مني، وفلسطين حرة".

 

تقول والدة الفتاة سوسن بكير لـ"كيوبرس": "لم يكن خط ابنتي، خط ابنتي جميل جدا وذلك الخط بشع وضعيف اللغة. لم يكن دفترها أيضا، أنا أعرف حاجيتها وكتبها، كانت محاولة من المحقق لتلفيق تهمة لابنتي، ونسب هذا الدفتر لها".

 

تحلم بدراسة المحاسبة أو السكرتارية الطبية
تطمح المصابة مرح بكير طالبة الثانوية العامة إلى دراسة المحاسبة أو السكرتارية الطبية. وتضيف والدتها أنها صاحبة شخصية قوية وقلب حنون، وتكمل: "أريد حق ابنتي فقد أضروها وعرقلوا طموحها، حتى أن شرطيا كان بجوارها في المشفى وصفها بالقاتلة. أريد استعادة ابنتي وإنهاء هذا الظلم".

 

يُذكر أن الاحتلال صعّد في الآونة الأخيرة انتهاكاته بحق الأطفال المقدسيين الى أن وصلت إلى الإعدام الميداني، ففي نفس اليوم الذي أصيبت فيه مرح، قام الاحتلال باغتيال الطالب مصطفى الخطيب قبالة باب الأسباط في القدس صباحا، كما وقام بقتل الطفل حسن مناصرة وإصابة ابن عمه أحمد مناصرة في مستوطنة بسغات زئيف - بذريعة الاشتباه بهم.
 
 

اعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى تصعيد لا يتوقف

 


إعداد الباحث والكاتب الإعلامي: محمود أبو عطا /كيوبرس
بتاريخ: 13-10-2015م

 
 

أظهر تقرير صادر عن "كيوبرس"، اليوم الثلاثاء، أن اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى تسير في دالة تصاعدية، دون توقف، في إشارة الى أن وجهة الاحتلال تتجه نحو المزيد من استهداف المسجد الأقصى ومحاولة فرض أمر واقع جديد فيه، من خلال فرض الحصار وتشديد القيود لدخول المسجد الأقصى ومحاولة تفريغه من المصلين؛ في وقت يحاول الاحتلال تكريس مشهد "الاقتحام الآمن" للجماعات اليهودية والحاخامات والمستوطنين، يقابله إصرار فلسطيني لأهل القدس والداخل الفلسطيني وحراس وسدنة المسجد الأقصى للمحافظة على مشهد التواصل الدائم والنفير الى المسجد الأقصى والرباط فيه وعند بواباته،  رغم حدة الاعتداءات وإجراءات الاحتلال الاجرامية بحق المصلين من الرجال والنساء والأطفال.


بوابات إلكترونية ومجسات تكنولوجية عند مداخل الأقصى
 
من ضمن الاعتداءات الأخيرة على المسجد الأقصى، ما ذكره القائم بأعمال المفوض العام للشرطة "بنتسي ساو"، الأحد الماضي، بأن قوات الاحتلال في القدس المحتلة تقوم ببناء بوابات إلكترونية كبيرة ستشمل مجسات ووسائل تكنولوجية أخرى لتركيبها عند بوابات المسجد الأقصى - وهي خطوة متقدمة جدا لتضييق الحصار على المسجد الأقصى –، بالإضافة الى بوابات الكترونية أصغر حجماً تم نصبها الأسبوع الماضي عند بعض مداخل بلدة القدس القديمة وشوارعها وأزقتها الداخلية.


وأوضح التقرير أن هدف هذه الإجراءات الاحتلالية الحديثة هو إعاقة حركة وصول الوافدين الى القدس والمسجد الأقصى، وتشكيل مصدر حرج وإزعاج لهم، وفي التالي ترهيب الفلسطينيين وثنيهم عن زيارة المدينة المقدسة والصلاة في المسجد الأقصى المبارك، وعزلهما عن محيطهما الفلسطيني.


ولا يستثنى من اعتداءات الاحتلال، اعتقاله عدد من سكان بلدة القدس القديمة والتهديد بإغلاق محالهم التجارية؛ بحجة أنهم لم يقدموا مساعدة لجرحى يهود أصيبوا في عمليات طعن في المنطقة.


1853 مقتحم خلال أيام "العرش" واستمرارها اليومي
 
وبيّن التقرير الذي أعده قسم الرصد والأبحاث في "كيوبرس" أن نحو 1670 عنصر احتلالي اقتحموا ودنسوا المسجد الأقصى خلال شهر أيلول - يشمل فترة الأعياد اليهودية - على النحو التالي: 1601 مستوطن وجماعات يهودية، 51 عنصر مخابرات، 18 جندي بلباس عسكري ضمن برنامج جولات الإرشاد والاستكشاف العسكري؛ عدا عن الاقتحامات العسكرية بالمئات خلال فترة الأعياد اليهودية.


وبلغ عدد المقتحمين للمسجد الأقصى خلال موسم الأعياد اليهودية الأخيرة من 10/5-9/13  – عيد رأس السنة العبرية، الغفران، العرش - نحو 1853 مستوطنا وأفراد جماعات يهودية، توزعوا على 14 يوم من  الأحد الى الخميس من الساعة 7:30 صباحا الى 11:00 قبل الظهر، ومن الساعة 13:30 الى 14:30 بعد الظهر، تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال. وكانت ذروة الاقتحامات يوم الخميس 10/1 حيث بلغ عددهم 357 مقتحم، وتلاه يوم الأربعاء 9/30 الذي وصل فيه عدد المقتحمين الى 257 مستوطن.


منع المصلين وملاحقة الحافلات: محاولات تفريغ
 

يشير التقرير الى أنه في نفس الوقت وتزامنا مع هذه الاقتحامات، مُنعت شرائح عمرية واسعة من المصلين من دخول المسجد الأقصى، وصلت الى منع دخول من هم دون 60 عام أو منع شامل لجميع المصلين من الداخل الفلسطيني، من ضمنها أيام الجمعة. ويُضاف الى ذلك ملاحقة الحافلات التي تقل المصلين من قرى ومدن الداخل الفلسطيني الى المسجد الأقصى، وخاصة حافلات "مسيرة البيارق"، ومنعها أو الركاب دون 50 عام من السفر الى القدس والمسجد الأقصى.


كما سجلت سابقة اعتقال إداري لشخص من الداخل الفلسطيني وتم إصدار قرارات إبعاد بالجملة عن المسجد الأقصى بحق أهل الداخل الفلسطيني والقدس.


بالإضافة الى هذه الإجراءات التعسفية بحق المصلين في المسجد الأقصى، تضيّق سلطات الاحتلال على حركة حراس المسجد الأقصى وتمنعهم من دخول المسجد أو تخرجهم جميعا خارج أسواره، كما جرى لأكثر من مرة، كما تم توثيق حالات اعتداء جسدي بحقهم واعتقال بعضهم.


وأوضح التقرير أن هذه الممارسات الاحتلالية تهدف الى تفريغ المسجد الأقصى في فترات محددة من المصلين، وإفساح المجال أمام اقتحام الجماعات اليهودية والمستوطنين ومن ضمنهم قيادات دينية يهودية وحاخامات، المسجد الأقصى المبارك، ومحاولاتهم غير المنقطعة لإقامة صلوات يهودية وشعائر تلمودية بين أسواره.  


اقتحامات عسكرية غير مسبوقة للجامع القبلي
 
يبيّن التقرير أن محور الدالة التصاعدية لموجة الاعتداءات الأخيرة، وجديدها، كان استهداف الجامع القبلي المسقوف، واقتحامه وتفتيش أبنيته وخزائنه، إضافة الى اقتحام قوات التدخل السريع للمسجد الأقصى وساحاته، ليلا، بعد صلاة العشاء يوم الخميس الأخير 10/8. وسبق ذلك اقتحام قوات الاحتلال الخاصة بالـ"بساطير" الجامع القبلي، يوم السبت ليلاً 10/3، وإخراجها جميع المعتكفين، بعد صلاة العشاء، خارج حدود المسجد الأقصى.


فيما تم خلال الأسابيع الأخيرة اقتحام الجامع القبلي والوصول الى منطقة المحراب والمنبر، وتسلق عناصر قوات الاحتلال سقفه العلوي لقنص المصلين في الداخل عبر النوافذ العليا. كما سجلت خلال موسم الأعياد الأخيرة 6 اقتحامات عسكرية لمئات من قوات الاحتلال، في أنحاء المسجد الأقصى، تم فيها الاعتداء على المصلين وأبنية المسجد الأقصى المتنوعة. واستخدمت قوات الاحتلال، لأول مرة، درعا مصفحا متحرك في الهجوم على المعتكفين في الجامع القبلي.


تخريب متعمد للمعالم الأثرية التاريخية
 
رصد التقرير خلال فترة الأعياد اليهودية، تعمّد قوات الاحتلال بتخريب المعالم والأبنية التاريخية للجامع القبلي المسقوف في المسجد الأقصى المبارك، وتسببها في نشوب حرائق محدودة من خلال قنبال الصوت والغاز والأعيرة المطاطية التي أُطلقت على المعتكفين، وتم إخمادها من قبل طواقم الإطفاء التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.


ويتبيّن من تقرير "كيوبرس" أن عمليات التخريب والتدمير الممنهج من قبل قوات الاحتلال، وقعت خلال اقتحام الجامع القبلي على مدار ثلاث أيام متتالية - الأحد الى الثلاثاء 9/15-13، وشملت الأبواب الرئيسية التاريخية وأبواب داخلية، النوافذ الأرضية الجبصية المزخرفة، النوافذ الأرضية التاريخية، السجاد الأرضي، الأعمدة الداخلية الرخامية التاريخية والنوافذ الجبصية المزخرفة في سقف الجامع القبلي المسقوف.


 وفي الاعتداء الأخير الذي وقع يوم الاثنين 9/28 حطمت قوات الاحتلال الجبص المطعّم بالزجاج الملون فوق مصلى الباب القبلي من الجهتين، كما حطمت أربع نوافذ أثرية مزدوجة على سطح المسجد، أضيفت الى أربع نوافذ أخرى كانت تحطمت قبل أسبوعين.


كما كسر عناصر الاحتلال ثلاث ثريات، اثنتان منها تعودان الى العصر العثماني، وقاموا بفتح ثغرات في النوافذ بعرض 30 سنتم وطول 20 سم، حتى يتسنى إدخال البنادق منها وإطلاق النار على المعتكفين. واستعمل جنود الاحتلال مقص حديدي ميكانيكي و"شاكوش" آلي – كونجو- أثناء محاولة خلع أحد شبابيك الجامع القبلي من الجهة الشرقية، كما فشلت محاولة لخلع بابه الشرقي.

 

 
 

 

 

 

شروق دويات: فلسطينية دافعت عن حجابها بدمها

بقلم:ـ محمد عبد ربه - القدس المحتلة

الناشر الأصلي: صحيفة العربي الجديد

بتاريخ: 7 أكتوبر 2015

ما كان يخشاه المقدسيون بات اليوم واقعاً مرسوماً بدم فتاة فلسطينية جامعية من بلدة صور باهر جنوب القدس المحتلة، حين تحول الاستفزاز وامتهان المشاعر إلى عراك وإطلاق نار، سبقه تعد على كرامة نساء فلسطين اللواتي بتن هدفاً للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية ولغلاة المستوطنين المتطرفين.

 

قبل أن يطلق المستوطن، اليوم الأربعاء، النار على الفتاة الفلسطينية شروق دويات، ابنة التاسعة عشرة، قرب باب المجلس عند تفرع شارع الواد ببلدة القدس القديمة، كادت مسنة فلسطينية في السبعين من عمرها أن تتعرض لاعتداء بالضرب من قبل عضو كنيست إسرائيلي (برلمان) ومجموعة من المتطرفين اليهود، رافقته إلى حيث قُتل مطلع الأسبوع الجاري مستوطنان.

 

حدث ذلك، حين تفوه عضو الكنيست المذكور بعبارات قاسية ضد المسنة الفلسطينية طالباً منها عدم المرور في شارع الواد، وقال لها بالحرف "أنت مكانك القبر"، لكن المسنة أشبعته بدورها ما يليق بمقامه من عبارات، حتى فصلت بينهما شرطة الاحتلال.

 

كان الحجاب، في مسلسل الاعتداء على الفتيات والمرابطات، منذ مطلع هذا العام حدثاً وتطوراً نوعياً لم يقتصر اقترافه على المستوطنين، بل أيضاً على شرطة الاحتلال التي لم تتورع هي الأخرى في نزع النقاب وحجاب الرأس عن إحدى المرابطات في باحات الأقصى، كما يقول جمال عمرو الخبير في شؤون القدس والاستيطان، والذي يتابع ما يجري في الأقصى من انتهاكات. بات من الواضح أن الهدف من ذلك الإمعان في إهانة المرأة العربية والمسلمة، والمس بواحد من رموزها الدينية وهو الحجاب.

 

حدث هذا اليوم مع شروق دويات التي تنتمي إلى أسرة فلسطينية محافظة جدًا ومتدينة، ما جعلها تقاوم فعل المستوطن بدفعه وضربه، ولم تكن تتوقع أن يعاجلها بالرصاص.

 

ضحية رواية الاحتلال
كانت شروق مرة أخرى ضحية لرواية الاحتلال حول ظروف وملابسات ما جرى معها، قد يهبها الله الحياة وهي الآن بين يدي رحمته لتروي حقيقة ما جرى، بيد أن جميع روايات شهود العيان الفلسطينيين في المكان حيث أصيبت تدحض روايات الاحتلال التي ادعت أنها قامت بالطعن أولاً، قبل أن تطلق النار عليها.

 

وتؤكد روايات الشهود، أن الفتاة المذكورة لم تقم بأي عملية طعن، وأن ما جرى كان اعتداء متعمداً من قبل أحد المستوطنين الذي تحرش بالفتاة، وحاول نزع حجابها عن رأسها قبل أن تدافع عن نفسها وتتعارك معه بيديها الخاليتين من أي آلة حادة، ليطلق النار من سلاحه ويصيبها ببضع رصاصات أصيبت على إثرها بجروح بالغة، فيما أصيب المستوطن بخدوش في رقبته.


هذه الرواية، أكدها، ناصر قوس، مدير نادي الأسير في القدس، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن تدافعا سبق إطلاق النار من قبل المستوطن، وهو ما شاهده أيضا مواطنون، حيث حاول نزع حجابها عنه، فصرخت بعالي صوتها، قبل أن تدفعه عنها، وعندئذ ابتعد منها لخطوات وأطلق النار باتجاهها لتسقط مضرجة بدمها وكانت لا تزال تصرخ، قبل أن تحضر قوات كبيرة من شرطة الاحتلال الخاصة، وتعتدي على المواطنين الذين حاولوا مساعدة الفتاة.


والرواية ذاتها، أكدها كذلك، شاهد العيان، محمد أبو صبيح، الذي قال إنه لم يشاهد أي آلة حادة بحوزة الفتاة، وأنه شاهد عراكا بين الفتاة والمستوطن تبعه إطلاق نار وصراخ.

 

في حين قال شاهد عيان آخر إن "أحد المستوطنين استفز المرابطات في شارع الواد، حيث حاول استفزازهن بالشتم والضرب، فتدخلت قوات الاحتلال وأبعدت المستوطن ليقوم بالاعتداء على فتاة محاولا خلع حجابها، فما كان من الفتاة إلا الدفاع عن نفسها وضربه بحقيبتها على رأسه، قبل أن يشهر سلاحه ويطلق النار عليها ويصيبها في منطقة الصدر" .

 

من جهتهم ، قال مسعفون محليون، قدموا العلاج الأولي للفتاة إن حالتها خطيرة، لكنها مستقرة وكانت حتى لحظة نقلها على سرير سيارة الإسعاف مستيقظة، لكنها مرهقة تماما وفي حالة إعياء شديد نظرا لفقدانها كمية كبيرة من الدم.

 

وروى أحد المسعفين لـ"العربي الجديد"، أن شرطة الاحتلال التي أشرفت على عمل طواقم الإسعاف قيدت يدي الفتاة بسرير سيارة الإسعاف قبل أن تنقل إلى مستشفى هداسا، فيما بدا المستوطن في سيارة إسعاف أخرى في صحة جيدة، دون أن تظهر عليه سوى آثار خدوش في العنق.

 

في ذات المكان، وفي مكان آخر هو باب السلسلة، كل شيء ممكن ومتوقع من قبل المستوطنين الذين يعربدون بحماية الشرطة، ولا يتورعون عن شتم النساء بالعبارات النابية، ومحاولة الاعتداء عليهن بالضرب، مع ذلك يتجنبن هؤلاء المتطرفين بالهتاف والتكبير، لكن ما حدث اليوم مع شروق يمكن أن يحدث على نطاق جماعي مع أكثر من 40 مرابطة، وضعن ضمن لائحة سوداء لا ينفك الاحتلال عن التحريض عليهن، ووصفهن بالمشاغبات أو نعتهن بالإرهابيات، فهل ما حدث مع شروق اليوم يؤشر لمرحلة أخرى من سياسة تبنتها وصادقت عليها أكثر حكومات إسرائيل تطرفا؟

 

هذه السياسة، كما يراها زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، تشريع وتسويغ لقتل الفلسطينيين وترجمة لتعليمات إطلاق النار التي يطبقها المستوطنون قبل عناصر الأمن، لافتاً إلى تحذيره في السابق من هذه السياسة التي ستفضي إلى مزيد من القتل وانتهاك حق الحياة.