رسالة
القدس والاقصى عقيدة وهويّة!!
- التفاصيل
- المجموعة الأم: النشرة
- نشر بتاريخ الثلاثاء, 03 تشرين2/نوفمبر 2015 07:27
- الزيارات: 2380
الدكتور ابراهيم ابو جابر
نشر بتاريخ: 02/11/2015
موقع فلسطينيو 48
أثبت حراك الشعب الفلسطيني الاخير أنّ القدس والمسجد الاقصى خط أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه مهما كلّف الامر من ثمن، وهذا الحاصل الان؛ فقد هبّ الشبان الفلسطينيون بصدورهم العارية دفاعا عن قبلة المسلمين الاولى، ومسرى نبيّهم محمد "صلى الله عليه وسلم"، بعدما راهن الكثيرون على نسيان هؤلاء خارطة الوصول الى القدس والمسجد الاقصى، في ظلّ ما يتعرّضون له من مسخ، وسياسات تجهيل، وأسرلة، وأمركة، بهدف حملهم على التنكّر لدينهم ومقدساتهم وتاريخهم وحضارتهم، ومظاهر استغراب مجتمعي على جميع المستويات الثقافية والفكرية والمعيشية.
فكّر الاسرائيليون واهمين أنهم أصابوا الشعب الفلسطيني في مقتل على مستوى ما سلف، بل أوهموا انفسهم أيضا بأن الفلسطينيين أيضا قد رضوا بسياسة الامر الواقع، وبمقولة "الكفّ لا يناطح المخرز"، ولهذا يمكنهم فعل ما يشاؤون في القدس والمسجد والاقصى، متى شاءوا، وكيفما يشاؤون من سياسات وخطط وبرامج تهويدية، حتى على مستوى تقسيم الاقصى زمانيا كمرحلة اولى على طريق تقسيمه مكانيا لاحقا.
لكنّ الشعب الفلسطيني أثبت أنه لا يزال حيا وقادرا على افشال ما دبّر بليل في الغرف والمكاتب المغلقة للقدس والمسجد الاقصى، ولعلّ هبّة القدس والاقصى الحاليّة تعيد للأذهان حراك الشعب الفلسطيني على مدار اكثر من مائة عام، دفع فاتورتها الكثيرون من الشهداء والجرحى والاسرى، فكيف يمكن نسيان ثورة القدس الاولى، ويافا والبراق والقسام، والثورة الكبرى عام 1936 وغيرها كثير كالانتفاضتين الاولى والثانية !
إن القدس والاقصى عقيدة لدى الفلسطينيين والمسلمين عامّة، تجري منهم مجرى الدم في العروق، مخطئ من يظن أنهما كباقي الاماكن، لا وقع لهما في قلوب الناس المثقّف منهم والعادي .فالقدس والاقصى هذا الثنائي المقدّس، اللذان يستحيل التفريق بينهما لا مكانيا ولا روحانيا ولا وجدانيا، دينامو من العيار الثقيل في قلب كل مسلم فلسطيني، يعدّان مكمّلين للشعائر التعبديّة الاخرى، المسّ بهما مس بجزء مقدّس من عقيدة المسلمين، فلا مبرّر أبدا لما يروّج الاسرائيليون له من اشاعات زائفة تتهم هذا وذاك بالتحريض والدعوة الى الانتفاضة!
وإن القدس والأقصى أيضا بطاقة هويّة وانتماء للشعب الفلسطيني على هذه الارض المقّدسة، رغم أنف الكل، سواء كانوا عربا مطبّعين ومنتفعين، أقرباء كانوا او أشقاء، إسرائيليين كانوا أو غرباء. فالقدس والاقصى سرّ تمسّك هذا الشعب بهذا الوطن، لما يحملان من رمزيّة دينيّة ووطنيّة، زرعت في نفوس الاجيال وتشرّبوها ممزوجة بلبن الامّهات الفلسطينيّات الماجدات، ونقلت الى الفلسطينيين من جيل الى جيل، وتعلّمها الناشئة على مرّ السنين في صفحات الكتب التي سطّرت بدماء الاف الشهداء والجرحى والمعتقلين، عبر أهات الثّكالى واليتامى والارامل والمعذّبين ممّن أبوا الا البقاء والتجذّر في فلسطين، سواء بحراب الإنجليزي المستعمر أو الإسرائيلي المحتل، فلماذا يعيبون على الفلسطينيين هبّتهم دفاعا من قدسهم وأقصاهم!
فالقدس والاقصى إذن عقيدة وهوية كانا ولا يزالان، وليكن معلوما للجميع أيضا، وإن بدا المشوار طويلا ومؤلما ومليئا بالمطبّات والحفر والاشواك، أن الغد آت لا محالة، وقدر الله لا مردّ له، وسنن التدافع باقية بين البشر الى يوم الدين، وأن الظلم والاحتلال وسلب إرادة الشعوب الى زوال، قصر الزمان او طال!!!