رسالة
رمضان والأقصى الأسير
- التفاصيل
- المجموعة الأم: المحتوي
- نشر بتاريخ الأحد, 22 أيلول/سبتمبر 2013 08:39
- الزيارات: 2968
بقلم: د. مأمون فريز جرار
في شهر رمضان، يشد المسلمون رحالهم إلى مكة المكرمة طمعا في نيل أجر حجة مع النبي عليه وآله الصلاة والسلام القائل: (عمرة في رمضان تعدل حجة معي)
ويمر المعتمرون بالمسجد الثاني الذي تشد إليه الرحال: المسجد النبوي، ولكن أنى لهم أن يكملوا الجولة بزيارة ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال؟ ودون المسجد الأقصى قيود الاحتلال وعوائق العدوان التي لا تصد المسلمين في البلاد البعيدة فحسب بل تمنع سكان الضفة عنه.
وتظل صورة المسجد الأقصى ماثلة في قلوب المؤمنين، يحنون إليه، ويتشوقون إلى زيارته، ولكن بينهم وبينه بحور من الدم، وحقول من الألغام، وفي عيونهم حزن دفين، وفي قلوبهم خوف عميق أن يفجأهم ذات صباح نبأ حزين بانهيار قبة الصخرة أو المصلى القبلي الذي بناه الأمويون والذي يعرف بالمسجد الأقصى.
ويسعى المرابطون حول القدس والمسجد الأقصى سعيهم ليحافظوا على المسجد بعيدا عن مخططات العدوان، وأنياب الجريمة تدور من حوله وتحيط به وتحفر من تحته الأنفاق، وترسم لإقامة الهيكل والمخططات، يسعى المرابطون في القدس وفلسطينيو الداخل إلى حماية المسجد الأقصى وعمارته وإدامة الصلاة فيه في الأوقات كلها وحقيقة حالهم يجسدها شعار: بالروح بالدم نفديك يا أقصى..
وينشغل كثير من المسلمين في بقاع الأرض عن القدس والمسجد الأقصى بالملهيات التي تحول الحياة إلى لهو ولعب، وتجعلها بعيدة عن الجد ومهمات الأمور، في زمن الفرقة والانقسام، زمن سايكس بيكو، والشرق الأوسط الجديد، والقوة الكبرى المتفردة بالهيمنة، زمن العلو الإسرائيلي، والوهن الإسلامي، والمفاوضات العبثية التي لن تسفر عن الوصول إلى الحقوق لأنها مغتصبة ولن يتنازل السارق عما سرقه طواعية.
ولكن الأمل لا يخبو، والسعي إلى الفجر لا يفتر، فمع وجود من انشغلوا بعاجل المتع، واستناموا مع الملهيات، هناك من شغل المسجد بالهم، وشدهم الشوق إلى الأقصى، فهم يحفرون في الجدران العالية التي أقامها العدوان، وينبشون الأرض أنفاقا، تتلمس الطريق الى القدس، ولها موعد صدق مع الوعد القرآني والوعد النبوي.
حدثنا القرآن عن إفسادتين لبني إسرائيل، قال المفسرون القدماء إنهما مضتا، واجتهد بعض المفسرين المعاصرين في الفهم فقال بعضهم إن إحداهما مضت والأخرى هي ما نحن فيه، وأنا أذهب مع من يرى أننا في الإفسادة الأولى التي يقترن فيه العلو مع الإفساد، وأرى أن دولة إسرائيل المعاصرة لن يطول زمنها بل ستتفكك وسيرحل سكانها مهزومين، وذلك مع أفول نجم الدولة الأولى الداعمة لها: الولايات المتحدة التي لا بد أن يصيبها ما أصاب أسلافها من الدول الكبيرة من انحلال.
سيرحل المحتلون وسيجوس المسلمون خلال الديار، ولكن سيرجع اليهود مرة أخرى في زمن لاحق في ركب الدجال ملكهم الذي سيقودهم في الإفساد الاخير إلى الهلاك الذي يقول فيه الشجر والحجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله، ذلك الإفساد الذي يصحبه علو كذلك قد لا يقل عن علوهم اليوم، ولكنه بمقياس الزمن سيكون قصيرا، ذلك أن نجم الإسلام سيسطع، وراية الإسلام ستعلو، والخلافة التي هي على منهاج النبوة ستشرق في جنبات الأرض كما أخبر الصادق المصدوق.
وقد يبدو ما أقول لبعض من يقرؤه أضغاث أحلام وأقول بل هو رؤية حق، وبشارة صدق، والمطلوب من كل منا أن يكون شعاعا في الفجر القادم حتى يكتمل الإشراق في ضحى يسر الذين آمنوا.
كتبت في 26 سبتمبر/ أيلول 2008م