config

القائمة البريدية

This module can not work without the AcyMailing Component

التحويل بين التقويم الهجري والميلادي

التاريخ الميلادي
التاريخ الهجري
اليوم الموافق :

اليوم الشمسى:

رسالة

المعلمة هنادي الحلواني: اعتقلت 12 مرة وهذه أصعبها!

تقرير بقلم: محمد أبو الفيلات - كيوبرس

نشر بتاريخ: الثلاثاء 29-3-2016م

 


“أحتاج القليل من الماء… لم أشرب منذ فترة طويلة” طلبت هنادي من سجّانها الذي لم يكترث لندائها حتى رفعت صوتها تطلب كأسًا من الماء. “تكلمي بالعبرية” رد عليها السجان بفظاظة. أسعفتها ذاكرتها وظمأها الشديد ببضع كلمات عبرية، فأحضر لها الماء وطلب منها إخراج كأس من باب الزنزانة ليسكب فيه. “الزنزانة خالية من كل شيء حتى الأكواب” ردت عليه والظمأ يشتد عليها، فما كان منه إلا الرحيل عنها قائلا: “عندما تحضرين كأسا سأسقيك”.

 

 

هنادي الحلواني، معلّمة في المسجد الأقصى، اعتقلها عناصر الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء الماضي بينما كانت تحضر جلسة محاكمة زميلتها المرابطة المقدسية سحر النتشة في محكمة الصلح بالقدس المحتلة، واعتدوا عليها بوحشية دون مبرر، سوى كونها مرابطة في المسجد الأقصى، كما تبيّن.


لم تكن تعلم هنادي في السجن الوقت ولا عدد الأيام التي مرت على اعتقالها، كما لم يوفر لها الاحتلال المياه داخل زنزانتها للوضوء. “أراد الاحتلال إذلالي بكل ما أوتي به من قوة” تقول هنادي خلال وصفها الزنزانة التي قضت فيها أيام اعتقالها الخمس، “كانت الزنزانة رمادية اللون تفوح منها رائحة نتنة وتنتشر فيها النفايات، يعلوها مستطيل اسمنتي فرشت عليه فرشة رقيقة ونتنة للغاية، كلما أردت الاقتراب منها لأرتاح من عناء الطريق من القدس إلى سجن الرملة الذي امتد ساعتين ونصف، أبعدتني رائحتها أمتارا عنها”.


وتنوّه إلى أنها لم تخضع للتحقيق إلا مرة واحدة حين اعتقلها عناصر الاحتلال، بينما اقتيدت إلى المسكوبية غربي القدس المحتلة، ومن ثم تم نقلها إلى سجن الرملة. “ذلك يؤكد أنني لست متهمة بأي أمر، وتعجُّب القاضي من الأمر يثبت ذلك” تؤكد الحلواني.


“البوسطة”

معاناة هنادي الحلواني لم تقتصر على ظروف اعتقالها السيئة في زنزانة سجن “نتنة”، وإنما أصعب اللحظات التي مرت بها -كما تقول -كانت خلال نقلها من السجن إلى المحكمة في مدينة القدس في مركبة “البوسطة”، وهي حافلة كبيرة لنقل الأسرى والمساجين تم تقسيمها إلى غرف حديدية صغيرة يقيَّد فيها السجين في يديه وقدميه، ويبقى فيها على هذا الحال حتى يحين موعد جلسة محاكمته.


“كنت أجلس على أرضية “البوسطة”، وعندما أخبرت السجّانة بأن القيد يؤلمني كانت تزيد من وثاقه حتى شعرت بتكسر عظامي”، تقول الحلواني، “لم يأبهوا لألمي مطلقًا، بل كانوا يضاعفون لؤمهم لعلمهم أني اعتقلت على خلفية تتعلق بالمسجد الأقصى”.


وقد التقت الحلواني بزميلتها المرابطة في المسجد الأقصى سحر النتشة والمعتقلة منذ ثمانية أيام، في إحدى مركبات نقل الأسرى، حيث احتجزتا فيها خمس ساعات ونصف “شعرنا خلالها بقرب الموت منا مسافة صفر”، حيث بدأ الاوكسجين في المركبة بالنقصان، وأخذ صدرهما يضيق حتى لم تعودا قادرتين على الكلام أو الحركة، مما دفع السجانين للطرق على جدار “البوسطة” للتأكد من أنهما مازالتا على قيد الحياة.


تنغيص فرحة الإفراج

عُرضت الحلواني خلال فترة اعتقالها على المحكمة مرتين، وحين قرر قاضي المحكمة الإفراج عنها اشترط إبعادها عن بلدة القدس القديمة والمسجد الأقصى ستة أشهر وحبسها منزليًا ثلاثة أيام. وبعد صدور القرار تعمّد الاحتلال تنغيص فرحة الإفراج عنها وأخذ يعرقل في الإجراءات، حيث كان من المفترض إطلاق سراحها في السادسة مساء، لكن الاحتلال أفرج عنها في العاشرة مساء بعد التحقيق مع زوجها لساعتين.


“حين قرر القاضي الإفراج عني أخبروني أنه سيتم نقلي من سجن الرملة إلى سجن هشارون في الشمال الفلسطيني وإطلاق سراحي من هناك” توضح الحلواني، “إلا أنه بعد احتجازي في “البوسطة” ثلاث ساعات متواصلة أطلقوا سراحي من سجن الرملة وتبين لي أن مسألة نقلي إلى سجن اخر كانت خدعة لإذلالي ومضاعفة معاناتي، إلى جانب آلام قيود البوسطة التي لا تشبه غيرها من القيود”.


 حمزة يبوّل على نفسه

حين وصلت هنادي إلى منزلها في القدس في ساعة متأخرة من الليل وفتحت باب منزلها، ركض طفلها حمزة (9) ليحضنها ويعوّض اشتياق خمسة أيام من الحرمان، وذكر لها كيف داهمت قوات الاحتلال منزلهم بشكل وحشي، وبهمس خجول طلب منها مسامحته لتبوّله على نفسه لا إراديا أثناء اقتحام البيت وتكسير محتوياته.


كما أخبر حمزة أن شقيقته ملاك كادت تسقط أرضًا حين أصابها الدوار لهول ما رأت من وحشية الجنود وتحطيمهم غرفة نوم والدتهم، وإجرائهم تفتيشًا في المرحاض وعلب صابون الاستحمام وتوابل المطبخ، ولم يخرجوا إلا بعد أن قلبوا البيت رأسا على عقب.


وتشير هنادي الحلواني إلى إنها اعتقلت 12 مرة على خلفية رباطها في المسجد الأقصى، لكن هذه المرة كانت مختلفة عن غيرها كونها استمرت خمسة أيام. “لم أتفاجأ حين شاهدت الفرحة والصدمة في عيون أبنائي حين دخلت المنزل، فقد أخبروني أنهم اعتقدوا أني لن أرجع إليهم، فهم لم يعتادوا البتة أن أُعتقل لمدة طويلة كهذه”، مبيّنة أن الاعتقالات السابقة استمرت ساعات كان يُطلق سراحها بعدها، إذ لم تتعد أطول مدة اعتقال لها أكثر من أربع وعشرين ساعة.


الرباط مشروع مع الله

“نحن الآن في فترة أعياد يهودية وعلى بعد شهر واحد من عيد الفصح التوراتي الذي يشهد اقتحامات مكثفة في المسجد الأقصى، ولذلك يصعّد الاحتلال من انتهاكاته بحق المسجد والنساء والرجال من المصلين فيه”، أوضحت الحلواني محذّرة مما يخطط له الاحتلال في الأيام القادمة، “الأيام القادمة تخبئ لنا الكثير، فقد أخبرني أحد الشبان المقدسيين الذين صادفتهم في البوسطة أن الاحتلال أفرغ سجن الرملة من الشبان لتخصيصه للنساء الأسيرات”.


وعن خلفية اعتقالها ومجريات التحقيق بيّنت هنادي الحلواني أن الاحتلال اتهمها بالانتماء إلى تنظيم محظور والسعي إلى أعمال إجرامية والمشاركة في مواجهات غير قانونية، إلا أنها نفت جميع التهم الموجهة إليها، مؤكدة، أن “الرباط هو مشروع مع الله وليس مع أي مؤسسة”.


يذكر أن المعلمة في المسجد الأقصى هنادي الحلواني مبعدة من قبل الاحتلال الاسرائيلي عن المسجد الأقصى منذ 520 يوما، وتم إبعادها حاليًا 6 أشهر عن بلدة القدس القديمة والمسجد الأقصى المبارك.