رسالة
المسجد الأقصى واللحظات الحرجة
- التفاصيل
- المجموعة الأم: النشرة
- نشر بتاريخ الأحد, 04 أيار/مايو 2014 00:48
- الزيارات: 2679
إعداد: مركز الدراسات المعاصرة
تاريخ النشر الأصلي: 20-4-2014م
التصعيد الذي يشهده المسجد الأقصى المبارك من طرف الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق تقسيمه، على غرار المسجد الإبراهيمي في الخليل، يأتي في ظل ظروف محلية فلسطينية مترهلة وبائسة، وعربية متخاذلة وهابطة، وإسلامية لاغية لاهية. وهذا الاحتلال ذكي يبني خططه على الدراسات والمعاينات المادية والمجايلات الزمانية، إذ لا مكان للأهواء والعواطف.. وهذا الاحتلال يستغل هذه الظروف لفرض الأمر الواقع.
وإن أول أسباب حالة الترهل التي آلت إليها الأمة العربية هي بفعل الأنظمة الطاغوتية، وما يحاك إقليميا ودوليا ضدها، ما أدى إلى حالة من الإحباط تمر بها الأمة والشعوب العربية، بعد إذ انتكست وقبلت بهذه الأنظمة الشمولية الطاغوتية، ذلك أنهم " فاستخف قومه فأطاعوه"، فيما حورب أهل التوحيد ودعاة الحرية والعدالة.. وانساحت هذه الحالة إحباطا للمجتمع الفلسطيني بعد أن جاءت السلطة ففرغت انتفاضته وثورته، وتحولت في كثير من الأحيان عبر مكوناتها الأمنية إلى جلاد بات الشعب الفلسطيني ينتظر لحظة الخلاص منه، ووصل الإحباط واللامبالاة كل أركان الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وذلك بسبب مآلات السلطة الفلسطينية ومفاوضاتها الجارية منذ عقدين. فقد تحولت المفاوضات مع الاحتلال إلى مادة حياة عند " السلطويين"، وكأن المفاوضات بالنسبة لهم هي الحياة باعتباره الأوكسجين الذي يمدهم بهذه الحياة يوميا.
شكل الانقلاب الدموي في مصر والاذدناب -الخليجي-السعودي والرجعية العربية المرتهنة أمريكيًا، والساعية لملاحقة الإخوان المسلمين عربيا ودوليا، وزيارات "أشتون" إلى مصر والاجتماع بالسيسي، وحرب الإبادة التي يشنها كلٌ من المالكي وبشار على شعبيهما، والحصار المتواصل على القطاع، وملاحقة السلطة الفلسطينية للمقاومين، والفتنة الجارية في تركيا، وقتل المسلمين بالجملة في عدة دول أفريقية، كل ذلك، شكل الأرضية الخصبة للاحتلال للمسارعة في عمليات التهويد في القدس، وزيادة معدلات اقتحاماته للمسجد الأقصى، خاصة وأن العرب لا يتجاوز الموقف حناجرهم، فيما الأمة المسلمة غارقة في همومها اليومية.. ولم يبق إلا أهل الداخل والقدس للدفاع عن المسرى.
إن الحاجة أم الاختراع.ونحن اليوم أكثر من أي وقت مضى في حاجة ماسة إلى أفكار خلاقة ومبدعة لتمنع هذا الاحتلال المتغوّل المجرم المدعوم عربيا ودوليا من تنفيذ مخططاته. وهذا الابداع ليس حكرا على جماعة أو تنظيم أو حركة بعينها، بل هي مهمة كل مسلم غيور على مسرى رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم، سواء كان ذكرا أو أنثى، شبانا وشيبا... فالشعوب لم تتحصل على حريتها عبر بوابات الشعارات، ولا عبر بوابات المظاهرات والشجب والاستنكار.
نعم! نحن اليوم في حاجة إلى تقعيد شرعي وسياسي للوقوف أمام تغول الاحتلالي، الذي بات، وفقا للعديد من الأبحاث والدراسات يراهن على الوقت – وظنه أن الظروف كلها لصالحه – لتنفيذ مأربه تجاه الأقصى بعد أن هوّد القدس. وهنا لا بد لنا من أن نؤكد على ضرورة إيجاد منظومة تعمل على حفظ بيضة المسجد الأقصى المبارك من خلال تحديد ثوابت القضية الفلسطينية، ويكون في جوهرها الإنسان الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك وحق العودة والسجناء، وتحديد معالم الخطاب السياسي المتعاطي مع قضية الأقصى والقدس من خلال الإطار الشرعي والمقاصدي، ومن ثم السعي الدؤوب لإبعاد العامة والخاصة عن الشعارات المزيفة، وتربيتهم على قاعدة " حفظ الموجود أولى من تحصيل المفقود "، وتأكيد الخطاب التقييمي والتقويمي، ورفض الخطاب التبريري، والعمل على إعداد مشروع تربوي جماهيري تعبوي تعبدي يكون الرافعة النفسية والعملية للحفاظ على البيت المقدس.. والابتعاد عن شخصنة قضية المسجد الأقصى وربطها بفرد بعينه، بعيدا عن الأمة، وذلك على قاعدة "لا تعرف الحق بالرجال، ولكن اعرف الحق تعرف أهله"، والعمل على تأسيس كادر ميداني، وكل ذلك في إطار من العمل الجماعي.
بهذا نؤسس لمنظومة تتحول إلى مشروع تحرري تغذي الإبداع، الذي بالقطع سيقلص المسافات زمانا ومكانا.
المسجد الأقصى المبارك أضحت قضيته اليوم من قضايا واجب الوقت، الذي لا بدَّ للأمة من عمل خلاق مبدع يستر عيبتها بعد أن طال احتلاله.