رسالة
"مصاطب العلم في المسجد الأقصى" مشروع حضاري إنساني يحاول الاحتلال عرقلته
في أواخر الشهر الماضي (مايو 2014) أصدرت مؤسسة عمارة الأقصى المشرفة على مشروع مصاطب العلم في المسجد الأقصى بيانا أكدت فيه الطبيعة العلنية لعمل المؤسسة موضحة أن مشروعها هذا هو مشروع حضاري إنساني ثقافي روحاني، يربط المسلمين بمسجدهم من جهة، ويحيي الدور التاريخي للمصاطب الكثيرة المنتشرة في ساحات المسجد الأقصى المبارك في نشر العلم من جهة أخرى.
وقال البيان المؤرخ في 31-5-2014 "مصاطب العلم كانت جزءاً من تاريخنا وحضارتنا، وهي ليست أمر استحدثناه وإنما قمنا بإحيائه كون نشر العلم الشرعي جزءاً من عقيدتنا وثقافتنا وتاريخنا."
جاء ذلك في أعقاب تصريحات للمتحدث باسم رئيس وزراء دولة الاحتلال اتهم فيها القائمين على المشروع الذي نجح منذ انطلاقه في عام 2000/2001 وتجدده في عام 2010م في تعمير ساحات الأقصى وعرقلة محاولات سلطات الاحتلال نزع الخصوصية الإسلامية عن هذه الساحات التي تمثل الجزء الأكبر من المسجد الأقصى، بتلقي تمويل من مصادر غير قانونية.
وقالت المؤسسة إن تلك التصريحات عارية عن الصحة، وهدفها إثارة البلبلة والتحريض الأعمى على المؤسسة، وأوضحت أن الدعم الذي تتلقاه "إنما هو من مصادر قانونية لا غبار عليها."
تقوم فكرة إحياء دروس ومصاطب العلم في المسجد الأقصى على إعادة دور ورسالة المسجد الأقصى في توعية الناس، ونشر العلم والدعوة إلى الله، بالإضافة إلى ترشيد وجود الناس وحثهم على التواجد داخل المسجد بعد الصلوات، وعدم الانفضاض وترك المسجد خاليًا.
وتأخذ مصاطب العلم نمطاً تقليدياً بسيطاً، يتحلّق فيه المشاركون حلقات حول الشيخ أو المدرّس الذي يعطي دروسا في الهواء الطلق تحت ظلال الأشجار ويجلسون على كراسي بلاستيكية أو يفترشون الأرض في ساحات المسجد الأقصى الواسعة. وتتنوع الدروس بين موضوعات العلم الشرعي في الحديث الشريف والسيرة النبوية والتفسير والثقافة الإسلامية والفقه وتنفتح على بعض العلوم الأخرى كاللغة العربية والرسم.
ومن خلال هذا المشروع، يشارك المئات من الطلبة والطالبات من فئات عمرية مختلفة يوميا في الحفاظ على رباط دائم ومستمر للمصلين في المسجد الأقصى لعرقلة مخططات الاحتلال الهادفة إلى استغلال فترات تضاؤل أعداد المصلين، خاصة في الفترة الصباحية، بين الفجر والظهر، في إدخال مستوطنين يهود إلى ساحات المسجد لتأكيد مزاعمهم بشأن البيت المقدس الذي يطلق عليه الصهاينة اسم "المعبد/الهيكل".
وقد تعرض بعض هؤلاء الطلبة والطالبات لإصابات إثر هجمات متعددة تشنها قوات الاحتلال داخل المسجد الأقصى مع تزايد معدلات اقتحام المستوطنين للمسجد المبارك ولساحاته خلال السنوات الأخيرة، كما تم اعتقال عدد من الطلبة والطالبات، وسحب هويات بعضهم، وإصدار أحكام إبعاد عن المسجد الأقصى بحقهم لفترات متنوعة، في محاولة من جانب سلطات الاحتلال لعرقلة دورهم في حماية المسجد.
تنتشر نحو 26 مصطبة في ساحات المسجد الأقصى المبارك الواقعة داخل سوره والتي تمثل الجزء الأكبر من مساحته البالغة 144 دونم أي 144 ألف متر مربع. والمصطبة عبارة عن بناء حجري مسطح بارتفاع أقل من متر عن سطح الأرض، ويتم الوصول إليه من خلال عدة درجات. وغالبا ما يكون لها محراب على شكل حنية أو تجويف في جدار صغير يحدد اتجاه القبلة. وتستخدم المصاطب للجلوس والصلاة والتدريس، خاصة في فصل الصيف. ويعود تاريخ إنشاء معظم هذه المصاطب إلى العهد العثماني، وقد أنشئ بعضها بغرض تخليد الشهداء أو العلماء أو المدن.
ومن بين مصاطب الأقصى الشهيرة: مصطبة الصنوبر (أو مصطبة أبي بكر الصديق) التي تقع في الساحات الغربية الجنوبية للمسجد الأقصى على يسار الداخل من باب المغاربة الواقع في الجدار الغربي للمسجد الأقصى وهو الباب الذي تسيطر عليه سلطات الاحتلال منذ احتلال شرقي القدس في يونيو 1967م وتستخدمه لإدخال من تشاء إلى المسجد المبارك دون إذن إدارة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن والمسئولة عن الشئون الداخلية للأفصى.
ومن بين المصاطب الشهيرة أيضا: مصطبة صبرا وشاتيلا شرقي الزاوية الجنوبية الشرقية لصحن الصخرة، وهي حديثة العهد واتخذت نصبا تذكاريا لشهداء المجزرة التي شهدها المخيمان الفلسطينيان الواقعان في لبنان عام 1982م، ومصطبة الغزالي الواقعة جنوبي باب الرحمة والتوبة في الجدار الشرقي للمسجد الأقصى، وهي حديثة تخلد ذكرى الإمام الغزالي الذي يقال إنه وضع كتابه "إحياء علوم الدين" في هذا الموضع من المسجد الأقصى.
وتطلق سلطات الاحتلال، بدعم أمريكي رسمي، على الساحات الكبيرة التي يضمها المسجد الأقصى مصطلح "ساحات عامة" وتسعى لفرض سيطرة عليها باعتبارها أماكن يحق لغير المسلمين دخولها بل والصلاة فيها، كما أصدرت محاكم الاحتلال قرارات تسمح لليهود بإقامة صلوات فيها بزعم أنها "ساحات جبل المعبد/الهيكل".
المصدر: فلسطينيو 48 (بتصرف)