صدى الإسراء والمعراج

المجموعة الأم: المحتوي
نشر بتاريخ الجمعة, 02 أيار/مايو 2014 10:32
الزيارات: 16871

قصيدة "صدى الإسراء والمعراج"

للشاعر وليد الأعظمي - من ديوانه "يا فتية القدس" 

 

 

 

جبريل جاءك بالبراق مطهّما     تسري به ليلا وتعرج للسّما
 
أسرى بك الباري يريك كرامة     ويزيح همّا عن فؤادك مؤلما
 
ليصير عام الحزن عام سياحة     في الكائنات وللسلامة سُلّما
 
سرّى به الأحزان في إسرائه     ليعود صدرك بالمسرة مفعما
 
ويخفف اللأواء من عنت الألى     عافوا الهداية يستحبّون العمى
 
وثقيف قد فاقت قريشا بالأذى     وتنكبت فيه الطريق الأسلما
 
آذوا رسول الله حين دعاهم     للخير واقترفوا الخطيئة مأثما
 
أغروا به السفهاء من أبنائهم     بغيا وباءوا بالضلالة مغرما
 
صدوا رسول الله عن تبليغه     منهاج دعوته ليكشف مأزما
 
ويفك عن أعناقهم أغلالهم     وهو الذي كان الأبرّ الأرحما
 
يدعو إلى الحسنى بأفضل حكمة     والهدى والإيمان فيه تجسما

 

---------------


أسرى بك الباري ليسبغ نعمة     منه عليك تفضّلا وتكرّما

 

 

 

من مسجد الله الحرام بمكة     للقدس والأقصى المبارك بالحمى
 
وجبال مكة قد أضاء شعابها    نور تبلّج بالهدى وتبسّما
 
ترنو إلى الأقصى بعين رعاية     والنور بين المسجدين تقسّما
 
بركات ربك قد توالت حوله     والعز فيه قد أقام وخيّما
 
وافاه نصر الله عزاً باذخاً         من بعد ما وافى (الحطيم) و(زمزما)
 
وشددتَ رابطة الأخوة والفداء     بقداسة الحرمين شدا محكما
 
ملكت أفئدة الرجال بدعوة     راحت تباهي بالعقيدة منتمى
 
وحللتَ بالأقصى لربك شاكرا     ومسبّحا وبفضله متنعما
 
ويجيء جمع الأنبياء مرحبا     بالزائر الساري لهم ومسلّما
 
جاءوا يحيّون الحبيب تحية     يستقبلون بها الأعز الأكرما
 
وصففت جمع الأنبياء مصليا     وسواك للمحراب لن يتقدما
 
أنت الإمام لهم وأنت ختامهم     والأجدر الأحرى بأن تتزعّما
 
والفضل يعرفه ذووه وهاهم     قد صيروك كبيرهم والأقدما
 
بك أكمل الله الديانة للورى     والنعمة الكبرى عليهم تمّما
 
مسراك بين المسجدين إشارة     قدسيّة للذبّ عن حرميهما
 
يحيا بها أهل القلوب وتنتشي     أرواحهم شوقا لتكسب مغنما
 
تهدي عباد الله للتقوى ولا         تسعى لتكسب بالمتاعب درهما
 
جبريل يهتف بالملائك مُعلِما     أن النبي محمدا بلغ السّما
 
واهتزّت الآفاق تعلن بشرها     بقدوم فخر الكائنات مكرّما
 
وتلألأت أنوارها وازّينت         حُبُك السماء بما يليق بمن سما
 
حتى رقيت ذُرا السموات العلى     وسموت حتى نلت تلك الأنعما
 
ودنوت حتى قال جبريل هنا     حدّي فلا أدنو ولن أتقدما
 
أدنى من القوسين صرت لحضرة     جبريل عن غشيانها قد أحجما
 
تالله ما كذب الفؤاد وقد رأى     ما أسبغ الباري عليه وأنعما
 
ما زاغ من بصر لديه وما طغى     أنّى توجّه في الوجود ويمّما
 
ومضى بنعمة ربه مستمسكا     بالعروة الوثقى التي لن تُفصَما
 
وهناك أوحى الله من آياته     سرا به كنت الرسول الأعظما
 
وحباك نورا في الحياة ونظرة     لا ترتضي إلا السبيل الأقوما
 
وعزيمة لا تعرف الدنيا لها     مثلا لغاد منجدا أو مُتهما
 
ورأيت في ملكوته آياته         قد جاوزت أقماره والأنجما
 
وأراك جنته التي قد أزلفت         للمتقين الصالحين تكّرما
 
وأراك من آيه الكبرى التي     ما نالها بشر سواك ولا سما
 
وأراك ما يلقى الطغاة من الأذى     إذ يسبحون به بحارا من دما
 
ورأيت ما يجد الزناة من العنا     وأشدّ من ذاك العناء تألما 
 
إذ يأكلون اللحم فيها منتنا     لا يستساغ ويرفضون الأكرما
 
ورأيت عاقبة الذين تناهبوا          مال اليتيم ليتركوه معدما
 
إذ يأكلون النار في أحشائهم     وتكاد من غيظ تزيد تضرّما
 
ورأيت ما يلقاه أصحاب الربا     بحجارة تدع الجبين محطما
 
عصوا الإله وخالفوا أحكامه     في أسفل الدركات ذلا مبرما
 
ورأيت ناسا يخمشون وجوههم     لتزيد من فرط العذاب تجهّما
 
مسراك يا مولاي بات مهددا     قد أوشك الأقصى بأن يتهدما 
 
عاث اليهود بقدسه وبطهره     والله من غضب عليهم دمدما
 
والقدس دنسها اليهود برجسهم     وتجرّءوا علنا على هذا الحمى
 
وتعاكست فيها مقاييس الورى     (شارون) فيها قد غدا متحكّما
 
قد أحرقوا الأقصى بكل وقاحة     والقرد قد أضحى يذود الضيغما
 
يتحركون كما يرى (طاغوتهم)     لما رأوا حكامنا مثل الدمى
 
(يعطون من طرف اللسان حلاوة)     ويصرّحون بما يثير تهكّما
 
ويقررّون الاحتجاج بشدة         ويندّدون بما يرون وما وما
 
ولهم بيان عند كل ملمّة         لشعوبهم ويمالئون المجرما
 
ويخّدرون شعوبهم بمواقف         وبيانهم يحوي (لعلّ) و(ربّما)
 
ويسلّطون على الشعوب سياطهم     ظلما وإرهاقا، عساهم بالعمى
 
ويرون في (بوش) صديقا صادقا     ونراهم منه أخس وألأما
 
باتوا يدارون العدو بذلّة         تدع الحليم بحيرة مستفهما
 
والله بالمرصاد يرقب مكرهم     وأعدّ للمستكبرين جهنّما
 
الهاضمي حق الشعوب ولم يروا     للساكت المظلوم أن يتكلما
 
ويلفّنا ليل الجهالة والهوى         متخبطين بذاك قفرا جَلهما
 
ومن الحماقة أن نرى هذا هدى     ونعد هذا الإنحدار تقدما
 
هذي السجايا لا تجيء بنهضة     وتجيء بالبلوى ظلاما مبهما

 

-------------


يا سيّدي عدنا لهديك نستقي     من فيض نبعك ما نبُلّ به الظما

 

ونبايع الرحمن بيعة صادق     أن لا نوالي ظالما أو مجرما 

 

وحديثك الداعي إلى سبل العلى     تالله ما كان الحديث مُرَجمّا

 

هداك يحيينا ويصلح بالنا     أمسى العلاج لدائنا والبلسما

 

نجد الحياة كريمة بظلاله         وبغير شرع الله صابّا علقما

 

الله خصّك للبرية هاديا         وموجّها للمصلحين وملهما

 

أعطاك ما ترضى به من غاية     والله قد صلى عليك وسلما