لا زلت حيا في قلوبنا رسول الله

المجموعة الأم: المحتوي
نشر بتاريخ الخميس, 06 حزيران/يونيو 2013 11:36
الزيارات: 2556

لا زلت حيا في قلوبنا رسول الله

غرفتي موصدة الباب، يسكنها الصمت، و يلفها سكون غريب و يأسرها حزن قاتل، حزن تسلل إلي فآرق مضجعي، و أفسد علي نومي الذي توسلته لنسيان ما يحدث ... آه مما يحدث : قتل ، إبادة ، حصار، دمار، جفاء، موت بطيء، لا أحد يندد، لا أحد يتكلم، الكل يشاهد و لا يتأثر، الكل مستغرق في شؤونه و لا يفكر البتة في أخيه ...، طغت المادية، و أصبحت البشرية تتسابق نحو الثروة، نحو التسلح، نحو الجاه و السلطة...، لقد انحرفت عن الطريق الذي أراده الخالق لها، و الذي سطره النبي الكريم "محمد" عليه الصلاة و السلام ... هذا الذي ملأ الكون رحمة و عدلا.. ترى إن كان بيننا

ما يكون شعوره؟

و كيف هو إحساسه عند اطلاعه على أعمال أمته؟

أكيد أنه يفرح أحيانا و يبكي في أحيان كثيرة...

و بينما أفكر فيه عليه الصلاة و السلام ، خطرت ببالي فكرة: لم لا أكتب رسالة له أتأسف فيها عما يجري و أبشره بخير قريب؟

أخذت ورقة، أمسكت قلمي و أخذت أفكر: ترى ما اللغة التي يجب أن أتوسلها للتعبير عن مكنونات فؤادي المثقل؟

بأي عبارات سأبت الرسول الكريم حبي العظيم له ؟

لم تستجب الكلمات، بل ظلت حبيسة الفكر و الوجدان... انتظرت قليلا ثم ارتأيت أن أكتب عنوان الرسالة و عنوان المرسل إليه إلى أن تنتظم الأفكار... هممت بكتابة "إلى رســ"  فانقطع حبر القلم، أتيت بآخر ثم آخر فلم يستجب أحدهم لي، حتى الورقة كانت تتمنى أن أعفيها من هذه المهمة، فكرت ثم فكرت لم أتوصل لحل يذكر فوضعت القلم و الورق و توجهت إلى نافذة الغرفة فإذا بي أجد البدر مكتملا و السماء صافية تذكرت بان القمر قد انشق له صلى الله عليه و سلم ذات ليلة و أن السماء قد فتحت له أبوابها ذات مرة ، هنا قفزت إلى ذهني فكرة : لم لا أكلم القمر و السماء و أبثها رسالتي إلى الرسول الكريم؟

حتى اللسان عجز

أحسست بإحباط قاتل، عندئذ انطلقت دموعي حبرا تكتب رسالتي لخير البشر،

خيوطا تنسج صورة لفتاة حزينة أتعبها الدهر و أرهقتها الخطوب،

 أنشودة تعزف ألحانا شجية بوتر الشرايين،

إليك يا رسول الرحمة المهداة للعالمين

يا قلبا رءوفا ينبض بحب الآخرين

يا خير الأولين و الآخرين

يا من كان يتحلى بالجلد و الصبر، حتى في أشد اللحظات قسوة تتشبث بالتفاؤل و الرحمة " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"

كان هذا دعاءك الدائم حين المستهزئون و يعتدي المعتدون " يشتمون مذمما و يلعنون مذمما و أنا محمد"  كان هذا قولك عندما شتمك الجاهلون و سخر منك الضالون..

" اشتقت إلى إخواني " قلتها للصحابة في آخر أيامك، كنت تقصدنا نحن، قوم نأتي بعدك نؤمن بك و إن لم نرك، لم نسمعك و لكن أحببنا،

لكلماتك سحر خاص، فهي تسلل للقلب بلا رقيب،

لتوجيهاتك وقع عجيب،

رغم أن بيننا و بينك قرونا عديدة إلا أن كل واحد منا يحس أنك تقصده و تخاطبه هو بالذات.

صحيح أننا لم نستقم على طريقك، إلا أننا رغم هذا البعد نحس بقربك،

حبك مغروس في كل كيان بشري، رحمتك تظلل الجميع، كلماتك ترشد و توجه، سيرتك تغير في المرء الشيء الكثير، ففيها لكل إنسان ما يريد.

عفوا رسول الله فقد ضللنا الطريق، عذرا فقد ظلمنا فظُلمنا، و تعدينا فاعتدي علينا،

لكننا تبنا و أنبنا، محبوك كثر، الباكون عند ذكر اسمك بالملايين و المدافعون عن دينك كثيرون ...

لازلت حيا في قلوبنا رسول الله، لازلت  على رأسك أمتك.                  

 كوثر النويني المغرب