نشرة الأقصى الإلكترونية |
في
ظل تجاهل العلاقة الأصيلة بين المسجد
الأقصى المبارك وشقيقيه الحرام والنبوي انتهاء
أزمة الحجاج واستمرار مأساة العالقين أخوات من أجل الأقصى الثلاثاء
15/1/2008م،
الموافق 7 /1/1429هـ خلال
ساعة واحدة، حُلّت الأزمة، وعاد حجاج
بيت الله الحرام بسلام إلى ديارهم في
غزة عبر معبر رفح الحدودي بين مصر
والقطاع، إلا أن المئات ممن لا يزالون
عالقين على الجانب المصري يصفون تلك
الساعة بالأشد مرارة في حياتهم .. من
العريش، كتبت مراسلة أخوات من أجل
الأقصى. "المسجد
الأقصى المبارك يناشد المسلمين ألا
تتركوني وحدي محروما من بركم وتواصلكم،
معزولا عن شقيقيّ الحرمين الشريفين!"،
هذا هو ما تردد في ذهني، وأنا أشارك، ضمن
فريق من أخوات من أجل الأقصى، في زيارة
فلسطينيين عالقين في مدينة العريش
المصرية، وأرى اللوعة في عيونهم بعد أن
تنادوا ليبثونا شكواهم، وليصفوا على
وجه التحديد لحظة مرور حجاج غزة عبر
معبر رفح الحدودي، بعد أقل من يوم على
وصول الأخيرين إلى المدينة، بينما
تستمر مأساتهم هم منذ 8 أشهر مع استمرار
إغلاق المعبر الذي يعدّ المنفذ الوحيد
لقطاع غزة على العالم الخارجي، ومع
استمرار الحصار الذي تفرضه سلطات
الاحتلال على القطاع، مدعومة بسلطات
فلسطينية وعربية ودولية. لحظات
صعبة
"ساعة
واحدة"، كما يقول أحدهم، وانتهت أزمة
الحجاج.. بينما يتوق نحو 300 من العالقين،
منذ يونيو الماضي، لساعة واحدة مماثلة،
وربما أقل، لتنتهي مأساتهم. لقد كانوا
قاب قوسين أو أدنى من العبور مع حجاج بيت
الله الحرام؛ فقد دفعوا بأمتعتهم إلى
داخل المعبر، ودفعوا معها كل ما يملكون،
ليدخلوا غزة، ولكن هذا الجهد الجهيد من
أجل العودة للرباط في المسجد الأقصى
المبارك وفي أكنافه لم يشفع لهم، أمام
العشرات من رجال الأمن المصري الذين
تدخلوا بالقوة لمنعهم من المرور وإغلاق
المعبر. كانت
لحظة "قاسية"، وتمنوا معها أن لو
ظلوا على حالهم داخل المعبر، في البرد
القارص، حتى يعاد فتح الباب "إلى
الجنة"، كما يقولون. ولكن لم يكن
أمامهم سوى خيارين "الزجّ بهم في
السجون"، أو العودة إلى العريش،
فقنعوا بالأخير... حلم
العودة
الزيارة
هدفت لمواساتهم، وإشعارهم بوقوف
المسلمين معهم، ومحاولة التخفيف عنهم
مع مقدم العام الهجري الجديد، ومع شدة
برد الشتاء في هذه المدينة الساحلية،
حيث لم يجدوا مأوى لهم ولعائلاتهم سوى
الشاليهات المخصصة للمصطافين! ولكن،
ورغم تعدد شكاواهم بسبب المرض، وكبر
السن، وحرمان الأبناء من متابعة
الدارسة، والاضطرار للاقتراض لأجل
توفير الطعام والدواء وسد الاحتياجات،
إلا أنهم اتفقوا على التأكيد على مطلب
وحيد هو العودة.
أطفال انقطعوا عن الدراسة لعدة أشهر وهم عالقون على الحدود المصرية الفلسطينية إنه
الحلم الذي يداعبهم والملايين من
الفلسطينيين بعد أن شُرّد 60% من أبناء
هذا الشعب في نكبة عام 1948م، ثم شُرّد
المزيد ثانية في عدوان 1967م، ولا يزالون
يصرون، أو تجبرهم المعاناة المستمرة
المفروضة عليهم على الإصرار، على
تحقيقه، والسعي لإقرار الأمن والإيمان
والسلامة والإسلام في الأرض المباركة،
حيث ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال
بعد الحرمين الشريفين. عمّار
المسجد الأقصى المبارك
أبو نضال - رئيس لجنة العالقين الفلسطينيين في العريش يقول
أبو نضال، رئيس لجنة العالقين
الفلسطينيين: "كنت أحد أبناء غزة
الذين ظلوا يحرصون على إعمار المسجد
الأقصى المبارك حتى عام 1999م-1419هـ"،
عندما منعت سلطات الاحتلال أهل القطاع
من الوصول إلى القدس الشريف، ويضيف: "في
شهر رمضان من ذلك العام تحديدا، بلغ عدد
المصلين في الأقصى نحو نصف مليون".
غير أن هذا العدد في رمضان الفائت 2007م/1428هـ،
لم يتجاوز ربع المليون في ليلة القدر
ذاتها، لأن سلطات الاحتلال لم تعد تكتفي
بهذا المنع، بل وأقصت غالبية سكان الضفة
الغربية أيضا، من خلال جدار الفصل
العنصري الذي أحاطت به القدس، ومن خلال
حملة الاستيطان اليهودي الذي استشرى
حول المدينة من كافة نواحيها. عوائل
العالقين
...وجه آخر للمأساة
وليد عبد الرحمن برغوث (سنة وستة أشهر) عالق منذ كانت له سنة واحدة وصار يتحدث! قال
أحدهم: "كبرت ابنتي التي تركتها
صغيرة، وصارت تتحدث"، بعد أن حرم
رؤيتها لأربعة أشهر. ويضيف [ضاحكا] "سمعتها
على الهاتف تقول لي "أبغي اللعب، لا
أبغي التحدث معك!"". وبالمثل، جاء
وليد عبد الرحمن برغوث (سنة و6 أشهر) إلى
العريش وكانت له سنة واحدة، والآن صار
يتحدث. وهناك سيدة قالوا إنها احتفلت
بعيد ميلاد ابنتها "على الهاتف".
وآخر يقول إن ابنته المخطوبة ترفض
الزواج حتى عودته. وأخرى مخطوبة تنتظر
مع أهلها العبور لعريسها في غزة، بعد أن
ظلّوا لسنوات يعملون في إحدى الدول
العربية ويعدّون ليوم زفافها.
أما
العجائز وكبار السن، ونسبتهم كبيرة بين
العالقين، والذين أجرى عدد منهم عمليات
جراحية في الخارج، فلا يجدون اليد
الحانية التي تواسيهم بعد أن هدهم المرض
وكبر السن، وزادت عليهم قسوة البرد
والغربة، ولم يعودوا يتمنون سوى العودة
إلى غزة ليلقوا ربهم، وهم وسط أهلهم. نقمة
على السلطة الفلسطينية
حرصوا
جميعا على إخفاء انتماءاتهم الحزبية،
وظهروا بمظهر الوحدة والالتفاف حول
لجنتهم التي تشكلت، منذ بداية الأزمة،
لتنظيم شئونهم، والتنسيق مع عدد من
الجهات الشعبية المصرية التي تقدّم لهم
المساعدة. ولكن ذلك لم يمنعهم من إبداء
النقمة على السفارة الفلسطينية التي
تخضع لإمرة رئيس السلطة محمود عباس،
والتي أكدوا جميعا أنها لم تقدم لهم
نقيرا، بينما ردّد عدد منهم أنباء عن
تدخلها لمنع مرورهم من معبر رفح الذي
تسيطر عليه، من الجانب الفلسطيني، حركة
المقاومة الإسلامية حماس والمناوئة
لعباس. وفي
المقابل، وجه الجميع جزيل الشكر
للجمعية الشرعية في مصر والتي وفّرت لهم
الإقامة، وإلى لجنة الإغاثة الإنسانية
بنقابة الأطباء المصرية والتي تتولى
أمر الإعاشة اليومية، وأيضا لجنة
الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب
والتي توفّر لهم مساعدات أخرى. إنها
مأساة شعب عربي مسلم لا يزال تحت
الاحتلال منذ 60 عاما، وبيت مقدّس يئن
منذ 40 عاما، وسط تجاهل من غالبية
المسلمين، بينما تظهر على استحياء جهود
شعبية تحاول تخفيف الألم، ولكن يبقى
الأمل في رحمة الله تعالى لتتدارك
الجميع، فيستيقظ المسلمون جميعا على
نداء الأقصى، ويهبوا لنجدته وتحرير
الأرض المباركة.
|
|
للحصول
على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى
التسجيل في القائمة البريدية للموقع: |