نشرة الأقصى الإلكترونية |
شهيد
الحاوية ... يا
دولة الرئيس نضال عبادي تاريخ النشر الأصلي: 29/11/2007م-
19/11/1428هـ يا
دولة الرئيس ... دعك ورفاقك في الحكومة من
" أنابوليس " .... واستعذ بالله من شر
" إبليس " ... وابتعد عن الأحلام
المزعجة والكوابيس ... وابق معنا نحن
أبناء الشعب المفاليس ... لنقاوم معاً
المرضَ والفقرَ والجوع الخسيس
والمفسدين المناحيس... ولنؤمن لمواطننا
الغذاء والدواء والإيواء والأتوبيس ...
فلن يفيدنا كثيراً ما يجري وراء
الكواليس ... في دولة أجرمت في حق الناس
حتى المحابيس ... أقول هذا مع أني قد
أعتزل السياسة والتسييس. أخي
نادر _
واسمح لي أن أرفع التكليف فالأخوة أسمى
تشريف _، إنني بالأصالة عن نفسي،
وبالنيابة عمن ينيبني من المواطنين
الأشاويس، نعرف حدود قدرات هذا البلد
وإمكاناته _ التي نسأل الله أن يبارك
فيها _، ولذلك لا نريد منك ومن الحكومة
الجديدة ولا نتوقع حلاً لقضية فلسطين 48
ولا 67 ، ولا حلا لمشكلة العراق ...، فرحم
الله من عرف قدر نفسه فوقف عنده، بل نريد
منكم حلاً لمشاكلنا الاجتماعية
والأخلاقية والاقتصادية أو لبعضها، ولا
نطلب منكم أن تكبروا العصى، فمن كبرها
ما ضرب. أخي
باسم _ واسمح لي أيضا أن أرفع التكليف
فالأخوة أسمى تشريف _، عرفتك شابا
اقتصاديا نشيطا صاحب ثغر باسم، وقد حباك
الله منصبا رفيعاً سبقك إليه من سبقك،
وستغادره كما غادره غيرك، فاغتنم هذه
النعمة وساعد الرئيس في دفع ورفع النقمة
وتأمين اللقمة. الأخت
هالة لطوف جلست معك مرة واحدة أو مرتين
في مؤتمرات داخلية ووجدت فيك نصيبا من
اللطف، وها أنت اليوم قد حملت حقيبة
الفقراء والمساكين وذوي الاحتياجات
الخاصة فاحمليها بلطف لعل الله أن يلطف
بنا، ولعلك يا " هالة " تجعلين
لمنصبك الجديد مكانة " وهالة " بها
تتحسن الحالة للجدة والعمة والخالة،
ويبتعد بعض الأبناء عن النوم والأكل من
حاوية القمامة والزبالة. لعلكم
جميعا قد قرأتم ما قرأته في صحف
الأربعاء ( 28 / 11 / 2007 م )عن طفل مات في
حاوية للقمامة بعد أن ضربتها سيارة في
أول يوم شتاء وفي المساء قبيل العشاء،
للوهلة الأولى ظننت القصة غير حقيقية،
لكن كانت المأساة الكبرى عندما تأكد لي
الخبر الذي حصل في العاصمة عمان قريبا
من مسجد الجامعة الأردنية، فالطفل بيته
الحاوية يفترش أدواءها ويلتحف السماء. اسمحوا
لي أن أترحم على هذا الطفل مجهول الهوية
الذي مات بلا جرم ولا ذنب، وأن أعزي
البشرية والإنسانية ومجتمعنا الأردني
الذي عهدناه متعاطفا متكافلا متراحما،
كما أواسي السائق الطالب الجامعي "
أنس " وذويه الذي حبس منذ عشرين يوما
بلا جرم ولا ذنب وهو على أبواب التخرج،
وأغدو شاكراً الحكومة لتطلق سراحه إن لم
تكن أطلقت سراحه بعد. تذكرت
وأنا أقرأ الخبر قول ربنا عز وجل ( وإذا
الموؤدة سئلت ، بأي ذنب قتلت )، وتذكرت
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيما
أهل عَرَصَة،
أمسى فيهم امرؤ جائع، فقد برئت منهم ذمة
الله )، واستذكرت المقولة الشهيرة
للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( لو
أن بغلة عثرت في أرض العراق لسأل الله
عمر بن الخطاب عنها: لِمَ لَم تسو لها
الطريق )، ونحن اليوم لسنا أمام بغلة،
ولكننا أمام حادث جلل، أمام طفولة
معذبة، أمام روح بشرية بريئة. أواه
ما أسوء من أن يبيت إنسان في ليلة شاتية
باردة داخل حاوية قمامة معدنية، فكيف
بطفل؟؟؟ تخيلوا لو أن عُمال الأمانة "
عمال الوطن " وضعوا الحاوية في
السيارة الخاصة التي تطحن ما يلقى فيها!!!!،
أواه ما أصعب أن يصبح بطن الحاوية
المعدنية الباردة والقذرة التي تفوح
منها تلك الروائح ملجأ لطفل من أطفالنا
ومأوى لابن من فلذات أكبادنا وحضنا
بديلا عن حضن الأم الدافئ الحنون، هل
فكرتم معي كيف وأين كان يأكل ويستحم
ويقضي حاجته ويدرس ويحتفظ بأوراقه
وكتبه وألعابه، منذ متى وهو يعيش تلك
العيشة التي يعتبر الموت خيراً منها،
هنيئا لك الموت يا بني، فرحمة الله خير
لك من رحمتنا وبطن الأرض خير لك من ظهرها
ومن حاوياتها، فلا تخف ولا تحزن، فأنت
لم تخسر شيئا كثيراً، وستربح وتفوز عند
ربك إن شاء الله، فأنت طفل بريء لا ذنب
لك ولا جريرة ولا جريمة، حتى وإن قيل أنك
كنت كالمستجير من الرمضاء بالنار، وأنك
فررت إلى حتفك في أول ليلة شاتية باردة
لتنام نومتك الدنيوية الأخيرة وربما
تناولت عشاءك الأرضي الأخير وربما مت
طاوياً، فما عند الله خير وأبقى، لكن
الذي خسر نحن معاشر الأحياء ما أشد
طمعنا وبخلنا وشحنا والواحد منا يعيش في
شقة فسيحة ويشكو الضيق، لا يعجبنا العجب
ولا الصيام في رجب، وكلنا سنغادر القصور
والدور إلى ضيق القبور، وهي على الرغم
من ضيقها فستكون أوسع لك يا بني من
الحاوية وأكثر دفئا. يا
أهلي يا عزوتي يا أبناء قومي لقد تعلمنا
من الفقهاء مقولة تكتب بماء الذهب نصها
" إطعام فم جائع أولى من بناء جامع "،
فلنلتفت إلى فقراء بلدنا إلى جياعه، وقد
أمست الحاجة إلى مسكن ومأوى من الضرورات
وربما أهم من الطعام والشراب، فلنوجه
زكواتنا وصدقاتنا للسكن، وأدعو الحكومة
إلى تخصيص الأراضي لهذه الغاية
والاستعانة بالقطاع الخاص لمساعدتها في
البناء واعتبار ما يدفعه الأغنياء لهذه
المساكن معفيا بالكامل من أية جمارك
وضرائب ورسوم ويحسم من قيمة الضرائب
المترتبة عليهم. أيتها
الحكومة الجديدة التي وصفت بأنها حكومة
موظفين لا سياسيين، وهذا أعتبره ثناء لا
هجاء، أنتم اليوم على المحك خاصة وأن
الملف الاقتصادي هو الملف الأهم لديكم،
أيها المجلس الذي وصف بأنه مجلس المال
ورجال الأعمال، أعني مجلس النواب "
سابقاً "، أنتم أيضا على المحك
فأثبتوا أنكم مع الوطن وللوطن مهما غلا
الثمن. أكرر
ما قلته لدولة الرئيس: لا نريد من
الحكومة والمجلس حلا لمشاكل العالم
ومشاكل الشرق الأوسط ولا القضية
الفلسطينية لا 48 ولا 67 ولا القضية
العراقية بعيدا عن أنابوليس وعن إبليس،
نريد منكم الانشغال قبل كل شيء بهمومنا
الداخلية أولا من فقر وبطالة، ولنبدأ
دراساتنا من المساجد والأسواق وإشارات
المرور، وليعقد المجلس الوزاري جلسة
طارئة وخاصة لهذه القضية ودراستها
والخروج بالحلول الناجعة. وختاما
لا يسعني إلا أن أردد ما قاله الشاعر: (
لمثل هذا يموت القلب من كمد
إن كان في القلب إيمان وإسلام ) المصدر: موقع وكالة عمون الإخبارية *
نضال العبادي إسلامي مستقل ونائب أردني
سابقnidalabbadi@hotmail.com
|
|
للحصول
على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى
التسجيل في القائمة البريدية للموقع: |