نشرة الأقصى الإلكترونية |
القدس
والأربعون «حرامي» الشيخ
كمال الخطيب- نائب رئيس الحركة
الإسلامية في فلسطين 48 تاريخ النشر : 12/06/2007 أيا
كانت الروايات التي تحكي قصة علي بابا
والأربعين حرامي، فإنها ومع اختلاف
أشخاصها وأبطالها تلتقي كلها على
النهاية السعيدة التي حظيت بها «مرجانة»،
وسواء كانت هي الخادمة في رواية أم بنت
الأمير «ناصر» في الرواية الثانية فهي
تلتقي كلها على الانتصار المحقق لعلي
بابا على عصابة الأربعين حرامي. ومثل
علي بابا وانتصاره على الأربعين حرامي،
فإنها كذلك القدس ستنتصر على كل
الحرامية واللصوص الذين امتدت أيديهم
إليها في عتمة الليل وفي زمن الذل
لانتزاع كرامتها والنيل من عفتها
والاعتداء على تاريخها وقدسيتها. أما
كيف ولماذا هذا الربط بين احتلال القدس
وبين الأربعين حرامي؟ فلأنها قد وقعت
على طاولتي مطلع هذا الأسبوع أوراق
صحيفة إلكترونية صادرة عن «صندوق ميراث
الهيكل»، وذلك بمناسبة الاحتفالات
بالذكرى الأربعين لاحتلال القدس الشريف
والمسجد الأقصى المبارك، وفي تلك
الصحيفة الإلكترونية إسهاب وتفصيل عن
أن الذكرى الأربعين لاحتلال القدس
تحديدا تعني محطة هامة وانعطافة مميزة
ومرحلة دقيقة استعدادا لمرحلة أكثر
أهمية ولشيء هام سيقع.. على اعتبار أنه -وحسب
ما ورد في الصحيفة فإن الرقم «أربعين»
دائما له دلالات هامة وإشارات
استعداداً لأمر مرتقب سيقع. وللتأكيد
على هذا الفهم لمغزى الرقم «أربعين» فإن
الصحيفة تستدل بأمثلة كثيرة لها علاقة
بالرقم في محطات هامة من تاريخ اليهود
ومعتقداتهم، منها: 1-
إن بني إسرائيل في خروجهم من مصر، سلكوا
طريقا كان يجب أن تستغرق أياما معدودة،
إلا أنهم تاهوا أربعين عاما في صحراء
سيناء. 2-
إن مجموعة المستكشفين الذين تقدموا بني
إسرائيل استعدادا لدخول الأرض المقدسة،
مكثوا مدة أربعين يوما في الصحراء. 3-
إن نبي الله موسى عليه السلام الذي صعد
إلى الجبل لتلقي ألواح التوراة والعودة
إلى بني إسرائيل مكث على الجبل وغاب عن
قومه مدة أربعين يوما. وعليه
فإنه ووفقا لهذه الأمثلة والدلالات من
تاريخ الشعب اليهودي -حسب الصحيفة
الإلكترونية الصادرة عن صندوق ميراث
الهيكل - فإن الرقم أربعين المذكور كان
يعني محطة هامة وانعطافا لافتا
واستعدادا لوقوع حدث وتغيير مهم،
فأربعون سنة كانت تمثل الاستعداد
للدخول إلى الأرض المقدسة والتي فيها
ولأول مرة تكون لشعب إسرائيل السيادة في
أرضه (حسب زعمهم)، وأربعون يوما كانت
تمثل الاستعداد لاستقبال نزول التوراة
على موسى عليه السلام ثم نزوله بالألواح
من الجبل، وأربعون يوما كذلك تمثل
الاستعداد لنفخ الروح في الجنين وبداية
تكونه إنسانا ومخلوقا جديدا. وعطفا
على هذه الأمثلة وفي الذكرى الأربعين
لاحتلال القدس والتي تصادف في العام 2007،
فإن الصحيفة تقول: «فإنه وبمرور أربعين
سنة، قد انتهت مرحلة وستبدأ مرحلة
جديدة، انتهت مرحلة كنا بحاجة إليها
لبناء أورشليم ولنثبت للعالم ولأنفسنا
رباطنا الأزلي معها، وأما المرحلة التي
تبدأ بعد مرور الأربعين سنة والتي
سنبدأها بالاحتفالات فهي مرحلة كون
أورشليم وحسب نبوءة يشعيا مكانا لصلاة
جميع بني البشر ولكنها هي بيت الشعب
اليهودي». من
الذي تقدم ذكره يتبين لنا هذا الاهتمام
الفريد بالذكرى الأربعين لاحتلال القدس
دون غيرها من سنوات سبقت، بل وجعل
الاحتفالات متواصلة سنة كاملة بدأت من
يوم 15-أيار -2007 وتنتهي يوم 15-أيار- 2008،
وهو يوم الذكرى الستين لإقامة دولة «إسرائيل».
ولأهمية
الذكرى الأربعين ولقناعتهم بوجود
انعطاف وتغيير مهم ولافت، فقد كانت هذه
القرارات السياسية والدينية المتعلقة
بالقدس والتي من بعضها عقد جلسة الحكومة
الإسرائيلية يوم الأحد 12-5-2007 مقابل حائط
البراق، وذلك لأول مرة، وإقرار الخطط
والمشاريع التي تهدف إلى تعزيز الوجود
اليهودي في القدس وإعلان بدء العمل في
المرحلة الثانية من مراحل إزالة ما تبقى
من آثار عربية وإسلامية من الجهة
الغربية للمسجد الأقصى، والقيام بأعمال
حفر رهيبة تحت المسجد الأقصى. هذا
بالإضافة إلى القرار التاريخي
للحاخامات المتدينين القوميين بجواز
دخولهم إلى ساحات المسجد الأقصى
المبارك في فتوى جديدة تمثل نسخا وإلغاء
لما كان متعارفا عليه من عدم جواز ذلك
منذ أربعين سنة كاملة، أي من يوم احتلال
القدس والمسجد الأقصى المبارك. وليس
هذا فحسب، بل إن ما هو مستور ولم يكشف
عنه من أهمية التغير الهام الذي سيطرأ
في أعقاب مرور أربعين سنة، لا أظنه سوى
حدث لا يقل أهمية في نظرهم عن نجاتهم من
تيه الصحراء بعد أربعين سنة والوصول إلى
الأرض المقدسة. كما وأنه لا يقل أهمية عن
عودة موسى عليه السلام من الجبل ومعه
ألواح التوراة، إنه ليس إلا بناء الهيكل
الثالث بعد أربعين سنة من الانتظار
والبحث عن الآثار، وهذا لن يكون طبعا
إلا بهدم المسجد الأقصى المبارك وقبة
الصخرة المشرفة، ولكن هذا سيكون هو
الدمار بعينه وهو ما عرفه ونطق به وصرح
به الحاخام السابق الأكبر لإسرائيل
مردخاي إلياهو في مقابلة صحفية، حذر
فيها من دخول اليهود إلى ساحات الأقصى
بقوله: «هذا تصرف خطير يمكن أن يقود إلى
خراب الهيكل وليس إلى بنائه».. ولما كان
الهيكل الثالث لم يبن بعد فإنه يقصد
خراب ودمار «إسرائيل» والشعب اليهودي. الغريب
في الأمر أن كل المؤثرات وكل الظروف
التي تعيشها الدولة تشير إلى أن التغيير
الذي يمكن أن يقع والانعطاف الذي يمكن
حصوله بعد أربعين سنة من احتلال القدس
هو ليس في صالح «إسرائيل» ولا الشعب
اليهودي، لأن من يمسكون بزمام الأمور في
«إسرائيل» هم ليسوا مجرد أربعين
حرامياً وحسب، بل إنهم أكثر من ذلك... وإن
اللصوصية هي ليست لصوصية المال فقط التي
يمثلها أولمرت نفسه وملفاته الكثيرة في
شراء العقارات ولا في تدخله في بيع بنك
لئومي، وهي ليست لصوصية الأعراض التي
يمثلها رئيس الدولة نفسه موشيه كتساف
ووزير العدل في حكومة أولمرت حاييم
رامون.. هي لصوصية التاريخ والجغرافيا
التي تمارس الآن وبشكل سافر ضد المسجد
الأقصى المبارك وتاريخه وضد القدس
وهويتها العربية الفلسطينية بل وضد كل
الوطن الفلسطيني، و هي أكثر من ذلك. وإذا
كانوا يؤملون خيرا بدلالات الأرقام وما
تحمله من إشارات ومعانٍ كما هو الحال في
الرقم أربعين، فإن منهم من يعتقد كذلك
بأن نهاية حكم أرئيل شارون رئيسا لحكومة
«إسرائيل» وموشيه كتساف رئيسا لدولة «إسرائيل»
هي إشارة وعلامة الكارثة الحقيقية حيث
إن ما بعدهما هي مرحلة الفوضى والارتباك
والمشاكل والاضطراب.. كتب أحدهم عما قيل
للنبي دانيال في (الإصحاح12/الآية 12) بعد
أن سأل دانيال الملك: متى تأتي نهاية
العالم ؟ فقال: «فطوبى لمن ينتظر حتى
يبلغ الألف والثلاثمائة والخمسة
والثلاثين يوما»، إنه الرقم 1335. وقد فسر
ذلك المفسر بقوله إن ما بعد حكم شارون
وكتساف هي مرحلة الضعف والتفكك
والاضطراب والفوضى وعدم استقرار
الحكومات وغياب الأمن وسيطرة الخوف من
المستقبل، وهذا ما أكده المقال الذي نشر
في موقع صحيفة يديعوت أحرونوت
الإلكتروني يوم 5-10-2006، لصحفي إسرائيلي،
يقول فيه كاتبه: «إن هواجس صعبة وقاسية
جدا تسود أوساط المؤسسة العسكرية
الإسرائيلية في أعقاب حرب لبنان
الثانية وإنهم يصفون الحالة المعنوية
في صفوف المؤسسة العسكرية بـ (هستيريا
حقيقية) كنوع من التعبير عن الخوف من
المستقبل على مصير الدولة، كما أنه
ولأول مرة سمع في أوساط بعض رجال
المؤسسة السياسية من يتحدث عن خراب
الهيكل الثالث، أي أنها الكارثة التي
ستقع على الشعب الإسرائيلي مثلما وقع
عند خراب الهيكل الأول على يد نبوخذ نصر
عام 585 قبل الميلاد وعلى يد الملك
الروماني تيطس في العام 70 بعد الميلاد
عند خراب الهيكل الثاني. ولعل هذا ما أحب
تأكيده لي مرارا وتكرارا في الأشهر
الأخيرة ذاك الرجل الذي اعتاد الاتصال
بي في السنوات الأخيرة، والذي كتبت عنه
في أعقاب الحرب الأخيرة على لبنان والذي
وللتذكير فإنه حدثني عن حرب ستنشب بين «إسرائيل»
وحزب الله منتصف العام 2006، قبل سنة من
وقوعها أي مطلع العام 2005، لا بل إنه
حدثني عن أن صواريخ حزب الله ستصل إلى
حيفا والخضيرة تحديدا، وهذا ما كان.
أقول إن ذاك الرجل يعود ليؤكد في
اتصالاته عن جولة ثانية وقريبة في العام
2007 بين «إسرائيل» وحزب الله، وأن صواريخ
حزب الله ستصل هذه المرة إلى تل أبيب،
وليس هذا فحسب بل إن هذه الجولة ستكون
أكثر اتساعا وتشمل أطرافا أخرى غير حزب
الله هي سوريا وحماس في وقت واحد»... وأيا
كانت حقيقة ما يقول هذا الرجل، فإن ما
يقوله هو من الغيب الذي لا يعلمه إلا
الله سبحانه، إلا أنه بالعودة إلى الرقم
أربعين والذي يعول عليه اليهود كثيرا من
خلال حلول الذكرى الأربعين لاحتلال
القدس الشريف والمسجد الأقصى
المبارك،فهم يعتبرون الرقم الأربعين
استعدادا لمرحلة جديدة هامة في تاريخ
الشعب اليهودي وهذه المرحلة ستكون
مختلفة تماما عما سبقها من مراحل، وهذه
المرحلة ستبدأ هذا العام 2007 التي هي
نهاية 40سنة من احتلال القدس!! إن
كل مراقب لحالة الجنون والهستيريا التي
تسيطر على الأوساط الإسرائيلية، سواء
كانت السياسية أم الدينية وسواء كانت
متدينة أم علمانية، ونظرتها إلى القدس
والسعي المحموم لتهويدها وتغيير
معالمها ووضع الخطط والبرامج لتكثيف
الحضور اليهودي فيها في مقابل التضييق
على سكانها من العرب الفلسطينيين من أجل
إخلائها والرحيل عنها، إضافة إلى هوس
وحمى بناء الهيكل واستمرار أعمال الحفر
والجرف والنبش تحت وفي محيط المسجد
الأقصى المبارك والذي يبلغ ذروته هذه
الأيام... نعم إن هذه اللصوصية للتاريخ
وللجغرافيا وللإنسان لم تعهد من قبل من
أي شعب تجاه شعب آخر. إنها
لصوصية وعملية اغتصاب بشعة حقيرة،
الضحية هي القدس التي لم تسمع آذان
العرب والمسلمين أصوات استغاثتها. ها
هي القدس تتعرض لأبشع عملية اغتصاب
للنيل من أقدس وأعز ما فيها، إنه المسجد
الأقصى المبارك، بينما العرب يتسابقون
لاسترضاء «إسرائيل» والقدوم إليها
لمحاولة إقناعها بقبول مبادرة السلام
العربية، ترد عليهم بالاحتفالات
والتصريحات الواضحة من أولمرت رئيس
الوزراء بأن القدس ستبقى عاصمة «إسرائيل»
الأبدية والموحدة، وذلك من خلال
قناعتهم بمدلولات الرقم أربعين عبر
احتفالاتهم الأربعينية باحتلال القدس
الشريف. ولكن
هيهات هيهات، فإذا كان علي بابا قد سمع
كلمة السر التي بها يفتح باب الغار الذي
خبأ فيه اللصوص كنزهم الكبير، وهي قولهم:
« افتح يا سمسم»، فلما قالها فتح باب
الغار ودخل علي بابا ورأى من الكنوز ما
أذهله فحمل منها الكثير ورجع إلى بيته..
أقول إذا كانت كلمة السر للوصول إلى كنز
اللصوص هي «افتح يا سمسم»، فهل سيكون
الرقم أربعين هو كلمة السر للوصول إلى
الكنز الموهوم والمزعوم (كنز سليمان
الذي يدعي اليهود أنه كان موجودا في
الهيكل الثاني عند دماره)، وبالتالي فإن
تمام العام أربعين هو كلمة السر لهدم
الأقصى وزعم الوصول إلى هيكل سليمان
وكنوزه ثم الشروع ببناء الهيكل الثالث؟!
إنني
أنصح وأذكر الإسرائيليين وخاصة من
يعتقدون منهم بدلالات الرقم أربعين
وارتباطه بأحداث مهمة وتحولات خطيرة في
تاريخ الشعب اليهودي، إنني أنصحهم
بضرورة استكمال الفهم لدلالات الرقم
أربعين، وعليه: ؟صحيح
أنه بعد ضياع وتيه أربعين سنة في
الصحراء قد وصلوا إلى الأرض المقدسة
ولكن لا ينسوا وليتذكروا أن موسى عليه
السلام قد مات وتوفاه الله دون الدخول
إلى الأرض المباركة وكان ذلك عند تمام
سنوات التيه الأربعين. ولقد
سمعت أحد سكان مدينة سديروت في الأيام
الأخيرة، وهو يطالب اولمرت بالاستقالة
بسبب سوء الوضع الذي آلت إليه مدينتهم
بسبب القصف الصاروخي من غزة، سمعته وهو
يقول «يا شارون قم لترى ماذا حل بنا»،
إنه يعتبر شارون شارة القوة ورمز البطش
في التعامل مع الفلسطينيين، ولكن هيهات.
نعم
إنها مرحلة الضعف والقلق والارتباك
والخوف من المستقبل وما عاد يجدي نفعا
سواء قلتم افتح يا سمسم، افتح يا شارون،
افتح يا أربعين افتح يا عمير افتح يا
شعير... لأنها ولا شك مرحلة جديدة هي-
بإذن الله- مرحلة المظلومين
والمستضعفين والمقهورين الذين جاء
دورهم ليفرحوا... ومثلما عادت مرجانة إلى
أهلها بعد أن وقعت في أسر عصابة
الأربعين حرامي فإن القدس ستعود -بإذن
الله- إلى أهلها بعد هذا الأسر في يد
الاحتلال وهذه اللصوصية والحرمنة: «يسألونك
متى هو؟ قل عسى ان يكون قريبا»، «ويومئذ
يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء
وهو العزيز الحكيم وعد الله لا يخلف
الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون». رحم
الله قارئا دعا لنفسه ولي بالمغفرة.. «والله
غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا
يعلمون».
|
|
للحصول
على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى
التسجيل في القائمة البريدية للموقع: |