نشرة الأقصى الإلكترونية

عرض لكتاب

مكتبة المسجد الأقصى المبارك

تأليف: حامد الشافعي دياب

عرض: ألفت عبد الله - صحيفة البيان الإماراتية 31/12/2006

 

 

* الكتاب: مكتبة المسجد الأقصى

* تأليف: حامد الشافعي دياب

*الناشر: دار المعارف

القاهرة 2005
*الصفحات: 143 من القطع الصغير

هذا الكتاب يمثل دراسة غير مسبوقة عن موضوع لم يتطرق إليه أحد من قبل هو مكتبة المسجد الأقصى. ورغم أن الموضوع قد يبدو جديدا إلا أنه عند قراءة الكتاب يمكن للقارئ أن يكتشف أن لهذه المكتبة دورا كبيرا ومهما حيث كان لها بالغ الأثر في توطيد الصلات بين الشعوب العربية وشعوب الغرب حيث أسهمت في تبديد الجهل الذي سيطر على عقول الغرب وقلوبهم في العصور الوسطى.


بداية وفي مستهل استعراضه لموضوعه يشير المؤلف الدكتور حامد الشافعي دياب إلى أن التأريخ لنشأة المكتبات الإسلامية ودراسة أوضاعها هو تأريخ للفكر الإسلامي والحضارة الإنسانية طوال الحقب التاريخية المختلفة حيث قامت هذه المكتبات بدور رئيسي في بناء هذه الحضارة.ويضيف أن المكتبات ومنها مكتبة المسجد الأقصى قامت بنشر الثقافة والعلوم الإسلامية وبناء المجتمع العلمي في هذه البلاد، وتوحيد الصلات العلمية بين أفراد هذا المجتمع من ناحية وبينهم وبين الشعوب الغرب من ناحية أخرى. بدأ ظهور مكتبات المساجد في فلسطين مع إنشاء المساجد بها عقب الفتح الإسلامي للبلاد مباشرة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب فكان كلما فتح مدينة من مدن فلسطين مثل نابلس وغزة ويافا والقدس أقام بها مسجدا. ويشير المؤلف إلى أن المتتبع لتاريخ النهضة المكتبية في فلسطين يجد أن المساجد هي المكتبات الأولى التي عرفتها فلسطين الإسلامية.


ويقدم المؤلف لمحة سريعة عن مكتبات بعض المساجد الكبرى في فلسطين كالمكتبة الأحمدية في عكا ومكتبة المسجد الإبراهيمي في الخليل ومكتبة جامع يافا الكبير ومكتبة مسجد الحاج نمر النابلسي في نابلس، وهذه المكتبات من أشهر مكتبات المساجد في فلسطين وأعرقها والتي كان لها الدور الثقافي المميز في تاريخ فلسطين.


ثم يشير إلى أن أهم مكتبات المساجد في القدس هي خزائن المسجد الأقصى، وهى المكتبة التي يفصل المؤلف في تناولها على مدى صفحات كتابه، حيث كان المسجد الأقصى كغيره من المساجد الكبيرة في الأقطار الإسلامية مركزا للحياة الفكرية ومدرسة لتدريس العلوم سواء أكانت علوما دينية أم دنيوية ولا يمكن أن تنتعش الحياة العلمية والفكرية في رحاب المسجد دون وجود مكتبة تضم أمهات الكتب ونفائس المخطوطات ومن هنا بدأت البواكير الأولى لمكتبة المسجد الأقصى وتطورت على مر العصور ابتداء من الفتح الإسلامي حتى يومنا هذا.


ويذكر الدكتور حامد الشافعي دياب أن مكتبة المسجد الأقصى سميت على مدى تاريخها بالأسماء التالية: خزانة الكتب، دار الكتب، مكتبة، موضحا أن الأولى تدل على مدى الحرص على الكتب، والثانية تدل على ضخامة الكتب المقتناة والثالثة تدل على الاستعمال العصري.


ثم يتناول بالتفصيل تطور نشأة مكتبة المسجد الأقصى مشيرا إلى أن نشأتها تعود إلى القرنين الثالث والرابع الهجريين على التوالي وهو ما أشارت إليه بعض النصوص التاريخية التي تتعلق بمكتبة المسجد الأقصى. ومن ذلك نص ذكره ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد «وفيه ـ أي في المسجد الأقصى ـ سبعون مصحفا وفيه من الكبار التي في الورقة منها جلد ستة مصاحف على كراس تجعل فيها» ومن النص يستنتج المؤلف أن المصاحف كانت هي النواة الأولى لخزائن المسجد الأٌقصى.


وإذا كانت الإشارات إلى مكتبة المسجد الأقصى في هذه الفترة تبدو غير واضحة فإن المؤلف يشير إلى وضوحها في الفترة الثانية التي يؤرخ لها وتشمل العصرين الأيوبي والمملوكي. هنا يذكر أنه كان يطلق على المكتبة في ذلك الوقت خزانة أو خزائن لذا سادت كلمة خزانة الكتب أو خزائن الكتب لتدل على المكتبة في هذه الفترة.


ويذكر المؤلف أن هذه الفترة تعتبر من أخصب الفترات التي مرت بها خزانة المسجد الأقصى فابتداء من القرن السادس الهجري أخذت تتبلور ملامح جديدة للحركة المكتبة في فلسطين عامة وفي مدينة القدس خاصة حيث شهد عصر الأيوبيين والمماليك نهضة علمية كبيرة وحركة فكرية موازية تمثلت هذه وتلك في مظاهر متعددة منها البدء في إنشاء المدارس وكثرة إنشاء المساجد وتعميرها في مختلف أنحاء البلاد.


ثم يتطرق المؤلف بعد ذلك إلى الفترة الثالثة وهي العصر العثماني مشيرا إلى أنه بدأت في أوائل العصر العثماني نهضة علمية واسعة النطاق في البلاد التي فتحها العثمانيون وكونوا منها ما يسمى بالإمبراطورية العثمانية وكانت فلسطين منها بما فيها مدينة القدس واهتم سلاطين العثمانيين الأوائل بالعلم والعمل على نشره في أرجاء هذه الإمبراطورية وكان من مظاهر هذا الاهتمام تزويد مكتبة المسجد الأقصى بالكتب والمصاحف وكانت ظاهرة الوقف منتشرة خلال القرون الأولى من حكم العثمانيين للقدس.


وهكذا ظل المسجد الأقصى موضع اهتمام الحكام العثمانيين وأصبح من أكبر المساجد الفلسطينية التي اشتهرت بحلقات التدريس في العصر العثماني وكان يؤمه العلماء من مختلف البلدان ويلقون فيه دروسا وعندما بدأ الضعف يدب في أوصال الإمبراطورية العثمانية نتيجة للحروب التي خاضتها ضد أعدائها وزاد هذا الضعف استفحالا عندما بدأ الغزو الاستعماري الأوروبي السياسي والاقتصادي لها، فإن كل هذه الأوضاع انعكست بالسلب على أقطار الدولة العثمانية ومنها فلسطين بما فيها القدس.


المهم أن تلك الفترة انتهت بتسرب كثير من كتب التراث إلى أوروبا وأميركا ويؤكد البعض هذه الحقيقة بقوله إن هناك صناديق مليئة بالمخطوطات في جامعة هيدلبرغ في ألمانيا عليها ختم المسجد الأقصى.


ثم ينتقل المؤلف إلى الفترة الرابعة وهى القرن العشرين وخلالها أولى المجلس الإسلامي الأعلى في القدس سنة 1921 عناية كبيرة للكتب القديمة في القدس فجمع كثيرا منها ومن المخطوطات الباقية في خزائن المسجد الأقصى وأنشأ مكتبة في المسجد الأقصى ووضع فيها ما أمكن جمعه من الكتب والمخطوطات التي نجت من الإهمال وسوء التصرف أطلق عليها دار كتب المسجد الأقصى، غير أن هذه المكتبة ظلت مغلقة لمدة خمسة عقود تقريبا إلى أن ارتأت دائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية في القدس عام 1976 إحياءها من جديد لذا عملت على جمع الكتب المخزونة في المتحف الإسلامي باسم دار كتب المسجد الأقصى .


وأضافت إليها مكتبات بعض الأسر التي تبرع بها أصحابها وجمعت ذلك كله في مبنى المدرسة الأشرفية التي بنيت في عهد السلطان قايتباي سنة 886 ونقلت هذه المقتنيات في هذا المقر الجديد تحت اسم مكتبة المسجد الأقصى.


ثم يتطرق المؤلف إلى الحديث عن موقع المكتبة موضحا أن المكتبة تعد مكتبة كل الأماكن المقدسة التي توجد في محيط المنطقة الواقعة بها ويقع المقر الحالي لهذه المكتبة في مبنى المدرسة الأشرفية.


ويوضح أن مبنى المكتبة تغير أكثر من مرة حيث شغلت مباني متعددة خلال القرن العشرين والمبنى الحالي للمكتبة عبارة عن دور واحد مرتفع البنيان مثل كل المباني الأثرية القديمة ومكون من حجرة صغيرة لمدير المكتبة يشاركه فيها نائبه وقاعة متوسطة تتم بها العمليات الفنية والإدارية للمقتنيات وقاعة اطلاع كبيرة.

المصدر: مركز الإعلام الفلسطيني


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com

عودة