نشرة الأقصى الإلكترونية |
الدخول
الثاني لمنبر صلاح الدين إلى الأقصى ماذا
قال شعراء القدس في يوم دخوله الأول؟!
تاريخ
النشر: 06/02/2007 بقلم: ياسر علي
الشاحنة التي تحمل منبر نور الدين الجديد تدخل الأقصى وسط حراسة مشددة من قبل جنود الاحتلال يوم 24-1-2007م
يا
يوم حطين والأبطال عابسة
وبالعجاجة وجه الشمس قد عبسا رأيت
فيه عظيم الكفر محتقراً
معفراً خده والأنف قد تعسا يا
طهر سيف برى رأس البِرِنْس فقد
أصاب أعظم من بالشرك قد نجسا بهذه
الأبيات مدح العماد الكاتب محمد الأصفهاني
السلطان صلاح الدين يوم معركة حطين، التي
كانت باب فتح بيت المقدس. يوم
الفتح الذي صادف ذكرى الإسراء والمعراج،
وهي مناسبة عظيمة يجدر الاحتفال بها
لارتباطها أيضاً بفتح بيت المقدس قضية
المسلمين الأولى. يوم الفتح ليس
الموضوع هنا تناول تفاصيل يوم تحرير
القدس، بل نحاول هنا أن نطلّ على ما قاله
الشعراء في هذا.. في ذلك اليوم الذي دخل فيه
صلاح الدين إلى المسجد الأقصى حيث نظف
بيديه زوايا وجدران المسجد الأقصى ورش ماء
الورد والمسك في جنباته، وأدخل منبر نور
الدين الذي عرف منذ ذلك اليوم باسم منبر
صلاح الدين.. نستعيده اليوم، بعد ثمانية
وثلاثين عاماً على حريق المنبر. هذا المنبر
الذي أعيد إلى المسجد الأقصى بصناعة جديدة
في 23/1/2007، حيث استغرق العمل فيه ثلاثة عشر
عاماً.. اليوم،
عاد المنبر بغير صلاحه، وأدخل تحت
الاحتلال بعد أن دخل يومها في عرس تحرير
شاركت فيه الأمة العربية والإسلامية كلها. نعود
اليوم، لنرى ماذا فعل الشعراء يومها. لنسأل:
ماذا سيقول الشعراء اليوم، في دخول المنبر
إلى عرينه تحت جنح الظلام؟ قد
عاد منبرنا بدون صلاحه
إذ عادت النكبات في أفراحه فمتى
تعود أيا صلاح لمنبر
ونكون جندكَ يوم فكّ سراحه العيش
في أجواء تحرير جيش صلاح الدين للقدس يومها
لا يكتمل دون قراءة التوثيق الشعري
للعاطفة الإسلامية التي اجتاحت الشرق تجاه
بيت المقدس وجيش الفتح عموماً وصلاح الدين
خصوصاً. وذلك عبر قصائد قيلت في ذلك الوقت،
وليس بعده. فلو أردنا جمع القصائد التي
قيلت فيما بعد، فسيندر وجود قصيدة تناولت
الجهاد أو القدس ولم تعرج في الحديث إلى
صلاح الدين. في الشعر يلفت
انتباه القارئ أن أسلوب الشعر في ذلك الوقت
لم نعتد عليه، فهو تقليدي القوافي
والمعاني التي افتقرت إلى التجديد في ذلك
العصر المصنف عصر الانحطاط، وأظن أن
كثيراً من الشعراء قد ظلم بهذا التعميم،
فقط لأنهم ولدوا في عصر كانت همومه الحربية
والمعيشية تقتل الإبداع الأدبي الذي صنّم
وزخرف المحسنات اللغوية. من
القصائد التي نختارها هنا قصيدة للعماد
الكاتب يربط فيها القدس بمكة ذكر منها: أبشر
بفتحٍ أميرَ المؤمنين أتى
وصِيته في جميع الأرض جوّاب ففي
موافقة البيت المقدس للبـ
يت الحرام لنا تيه وإعجاب والصخرة
الحجر الملثوم جانبه
كلاهما لاعتمار الخلق محراب نفى
من القدس صلباناً كما نُفِيَتْ
من بيت مكة أزلام وأنصاب من
جملة مادحي السلطان كان الحكيم أبو الفضل
الأندلسي الجلياني في قصيدة جرّ فيها
المجد من الفتوح الإسلامية الأولى إلى
صلاح الدين، نختار منها: لكن
بأس صلاح الدين أذهلهم
بوقعة التل واستشرى بسَوْرته تعيا
الجوارح والفرسان وهو على
بدء النشاط عشياً مثل بكرته يا
فاتح المسجد الأقصى على بُهَمٍ
وقانص الجيش لا يحصى بقفزته أبشر
بملك كظهر الشمس مطّلع
على البسيطة فتّاحٌ بنشرته أما
فخر الكتّاب أبو علي الجويني فقد نظم قصيدة
طويلة في الفتح اشتملت على ذكر الملوك
وإهمالهم لبيت المقدس تسعين عاماً حتى
تجرد له السلطان، ولئن أطلنا بها فلأنها
تصلح أن تنظم لعصرنا، ولو تصدى لها شخص
وادعاها لنفسه لما ظن أحد أنها من غير
عصرنا نظراً لعناصره المتضافرة، القدس
والاحتلال والتخاذل، وفيها يقول: جُنْد
السماء لهذا المَلْك أعوان
من شكَّ فيهم فهذا الفتح برهان أضحت
ملوك الفرنج الصِّيد في يده
صِيداً وما ضعفوا يوماً وما هانوا كم
من فحولِ ملوكٍ غودروا وهمُ
خوف الفرنجة ولدان ونسوان هذا
وكم ملك من بعده نظر الـ
إسلام يُطوى ويحوى وهو سكران
تسعون
عاماً بلاد الله تصرخ والـ
إسلام نصّاره صمّ وعميان فالآن
لبى صلاح الدين دعوتهم
بأمر من هو للمعوان عوان للناصر
ادُّخرت هذي الفتوح وما
سمت لها همم الأملاك مذ كانوا إذا
طوى الله ديوان العباد فما
يطوى لأجر صلاح الدين ديوان وللشريف
النسابة محمد بن أسعد المعروف بالجواني
قصيدة جميلة في مدح السلطان: أترى
مناماً ما بعيني أبصر
القدس يفتح والفرنجة تكسر قد
جاء نصر الله والفتح الذي
وُعد الرسولُ فسبحوا واستغفروا وقد
يفاجأ القارئ ببعض القصائد المميزة في
العصر المظلوم (عصر الانحطاط)، ومنها قصيدة
لنجم الدين يوسف الوزير العزيزي، وهي
قصيدة ذات استهلال متميز، وهو موضوع طويل
عن الأطلال والخمرة و.. لكن أحداً لم
يشابهها، ويقول فيه: الوقت
أضيق من سماع قصيدة
موسومة بصفات أغيد أهيف الجد
في هذا الزمان مبين
والهزل فيه مع الغواية مختفِ بالناصر
المهدي والهادي إلى
سبل الجهاد أبي المظفر يوسف ونختتم
المقال بأبيات اشتهرت قبل تحرير القدس
بعشر سنين كما يقول ابن رشيق: رأى إنسانٌ
كأن شخصاً ذا جهامة واقف على حائط بجامع
دمشق يسمى النسر، وهو يقول: مَلَكَ
الصياصي والنواصي ناصرٌ للدين بعد
إياسه أن يُنصرا وسيفتح
البيت المقدّس بعدما
يطوى الطراز له ويقتل قيصرا وقيل
في هذين البيتين أنهما نظما سنة 531 هـ أي
قبل ولادة صلاح الدين بسنة إلا أنهما
اشتهرا أثناء حكمه، وكلمة ناصر ليست لقبه
بل فاعل للفعل ملك، والصياصي هي القلاع
والحصون، أما الطراز فهي المدن الساحلية
من الداروم وغزة وعسقلان وعكا وصيدا وصور
وجبيل. وقيصر المقصود في البيتين هو
البِرِنْس الذي قتله صلاح الدين بيده،
وكان قد أقسم على ذلك بعد نكثه العهود. ((جزى
الله عن الإسلام كل من ساهم في ذلك اليوم
المجيد من تاريخ الإسلام، ولن تطوى صفحات
الخير التي افتتحوها بذلك الفتح الذي قاده
القائد السيد الأجل، الملك الناصر، جامع
كلمة الإيمان، قامع عبدة السلطان، صلاح
الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين،
محيي دولة أمير المؤمنين، أبو المظفر يوسف
بن نجم الدين أيوب بن شادي)). نعم،
هذا ما أصبح اسمه عليه بعد تحرير القدس
وكتب على عقود الأوقاف التي أوقفها
للمسلمين مثل المدرسة الصلاحية (الخانقاه)
وحي المغاربة. وهو بالطبع يستحقه. فمن
سيستحق هذه الألقاب في زمن بات انهيار جدار
وحريق منبر وبناء كنيس في أكناف الأقصى (على
بعد خمسين متراً من قبة الصخرة)، لا يحرك في
هذه الأمة حمية.
المصدر: مؤسسة فلسطين للثقافة
|
|
للحصول
على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى
التسجيل في القائمة البريدية للموقع: alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com
|