الأقصى
والانتظار القاتل
الأخطار
تتفاقم.. والموات مستمر
نبيل
شبيب
كلّما
صدرت تحذيرات جديدة بشأن مستقبل الأقصى
تحت الاحتلال الصهيوني، توالت البيانات
والمقالات وبعض التصريحات، لتؤدّي دورها
شجبا واستنكارا وتحذيرا مضادّا، ولتؤدّي
دور التخدير أيضا، إذ سرعان ما يعود
الانتظار القاتل إلى موعد قادم، مع
تحذيرات قادمة.
وغالبا ما كانت التحذيرات تصدر في المرّات
الماضية عن الغيّورين على الإسلام
والأقصى وفلسطين، ممّن يتابعون ما يجري
تنفيذه من مخطّطات صهيونية، كالحفريات
وشبكة الأنفاق تحت "الحرم القدسي
الشريف"، إنّما صدرت التحذيرات هذه
المرّة، بصورة لافتة للنظر، عن جهات
مسؤولة "إسرائيلية" من خلال عمليات
علنية استعراضية لتخريب كبير يستهدف
الأقصى. هذا ممّا يعطي التحذيرات الجديدة
بعدا إضافيا، فمن جهة يمكن اعتبارها
تمهيدا مقصودا لعملية عدوانية مدبّرة مع
توزيع الأدوار، مباشرة أو بأسلوب التمويه
وكأنّها من صنع جهة متطرّفة ما فحسب، كما
لو كانت الحكومة وحتّى المعارضة "الإسرائيلية"
خارج دائرة التطرّف، أو لتمريرها وكأنّها
من صنيع شخص "معتوه"، كما هو معروفٌ
عن جريمة إحراق الأقصى أو جريمة القتل
الجماعي للمصلّين الصائمين في المسجد
الإبراهيمي في الخليل. ومن جهة أخرى، يمكن
ربط تلك التحذيرات بالأحداث الراهنة،
ليظهر مدى خطورتها، فما يجري في غزة، لا
يخرج في حصيلته عن تنفيذ مخطّط "إسرائيلي"
يتضمّن العمل على ترسيخ أقدام الاحتلال في
الضفة الغربية، بما فيها بيت المقدس
الأسير.
كما تظهر أبعادُ جدّية المخاطر عند
التأمّل في المرحلة الراهنة، فهي تجسّد ما
وصل إليه الانهيار في الأوضاع العربية،
نكوصا عن مواجهة جماعية لأخطار خارجية
متفاقمة، وبالتالي عجزا عن التعامل مع
معظم تلك الأخطار، في العراق، وفلسطين،
والسودان، وعلى صعيد الإرهاب، هذا علاوة
على أنّ الانحياز الأمريكي القديم
المتزايد، قد وصل إلى درجة غير مسبوقة من
العدوانيّة العلنية على الحقّ الفلسطيني
العربي الإسلامي في فلسطين عموما، وفي بيت
المقدس أيضا بطبيعة الحال.
التحذيرات –وهذا ما يبدو واضحا للجميع-
أخطر من سائر ما سبقها، ولكنّ الجواب
عليها لا يختلف عمّا كان في الماضي، من
بيانات ومقالات وبعض التصريحات، ثمّ
العودة إلى الانتظار القاتل من جديد.
لقد آن أوان التحرّك في قضية الأقصى -وهو
في محور قضيّة فلسطين- تحرّكا جماعيا
شاملا وفعّالا يتجاوز نطاق ما سمّي "لجنة
الأقصى" التي تشكّلت عقب حريق الأقصى مع
تأسيس منظمة مؤتمر العالم الإسلامي،
ويبدو أنّها دخلت مع سواها في مرحلة
الجمود والانهيار، هذا علاوة على أنّ
وجودها لا يعفي سواها من المسؤولية.
آنّ أوان التحرّك لنصرة الأقصى بما لا يقف
عند حدود شكليات رسمية وشبه رسمية، ولا
يقتصر على جهة دون أخرى، فما يصيب الأقصى،
لن يقف بنتائجه عند أيّ جهة أو أيّ حدود،
ناهيك عن أنّ المسؤولية بين يدي الله
تعالى هي مسؤولية الجميع دون استثناء،
ولعلّ التلاقي على نصرة الأقصى يكون
البوابة لوضع حدّ لمنحدر التراجع المسيطر
على أوضاعنا في الوقت الحاضر، والبداية
لتحمّل أعباء المسؤولية بين يدي الله في
سائر المجالات والميادين الأخرى أيضا.
المصدر:
مداد القلم
ملحوظة:
عبارة "الحرم القدسي الشريف" الواردة في المقال ليست صحيحة
شرعا ولا اصطلاحا. لأن المسجد الأقصى المبارك
يقصد به كل المساحة داخل الأسوار، وهذه
المساحة ليست حرما شرعا ولا اصطلاحا لأن
الأقصى يشملها كلها وكذلك يشمل الأسوار وما
يلاصقها من الداخل ومن الخارج - الموقع
|