نشرة الأقصى الإلكترونية |
من
روائع الفن المعماري الإسلامي المطلة
غربا على المسجد الأقصى: مؤسسة
الأقصى تكشف: جرافات الاحتلال تباشر هدم
بناية المجلس الإسلامي الأعلى لتحويلها
إلى شقق فاخرة لممولي تهويد القدس من
الأمريكيين والأوروبيين
نقش
يشير إلى تاريخ إعمار بناية المجلس
الإسلامي الأعلى (تصوير محمود نائل) القدس
المحتلة، الثلاثاء 24/4/2007م وليس
ببعيد عن ساحة البراق وأسوار القدس
القديمة وعلى بعد أمتار من باب الخليل،
غابت شمس يوم الأحد على أصوات الجرافات
“الإسرائيلية” التي باشرت بهدم رائعة
من روائع الفن المعماري والمعلم
الحضاري الإسلامي في مدينة القدس
الشريف، إنها بناية المجلس الإسلامي
الأعلى، والتي رغم احتلالها ومصادرتها
قبل 59 عاماً، ظلت واجهاتها الخارجية
ونقوشها شاهدة على إسلامية وعروبة
القدس، وعلى حضارة امتدت إلى الأندلس،
وليس غريبا انه يشبه طراز البناء هنا
الطراز المعماري الإسلامي الأندلسي، بل
إن أحدهم شبهها بقصور غرناطة الإسلامية
الأندلسية. ففي
جولة تفقدية ميدانية لمقدسات وأوقاف
القدس قامت بها مؤسسة الأقصى
لإعمار المقدسات الإسلامية يوم
الأحد 22/4/2007م كشفت مؤسسة الأقصى أن
جرافات “إسرائيلية” باشرت بهدم أجزاء
من بناية المجلس الإسلامي الأعلى، وهو
المبنى المعماري الذي انتهى العمل به
عام 1929م، والذي يقع على بعد عشرات
الأمتار من السور الغربي للبلدة
القديمة في القدس، وعلى مقربة من باب
الخليل، وبالتحديد في حي ماميلا،
المقابل لمقبرة مأمن الله الإسلامية
التاريخية، حيث كشف طاقم مؤسسة الأقصى
أن الجرافات “الإسرائيلية” بدأت بهدم
أجزاء من الجهة الخلفية الجنوبية
والغربية لبناية المجلس الإسلامي
الأعلى، بعدما أعملت يد الخراب والهدم
في بنائها وغرفها الداخلية، وعلمت
مؤسسة الأقصى انه بعد استكمال عملية
الهدم سيتم حفر المنطقة عميقا، تمهيدا
لإضافة وتشييد مبان وشقق عليها، ملاصقة
لما سيبقى من واجهات بناية المجلس
الإسلامي الأعلى، كما سيضاف عدة طوابق
من على بناية المجلس الإسلامي الأعلى
نفسه وكل ذلك على غرار الطراز المعماري
الغربي الحديث بعيدا عن معالم البناء
العربي الإسلامي، بحيث تصبح العمارة
بصورتها النهائية عمارة لشقق “إسرائيلية”،
سيقوم بامتلاكها أثرياء من يهود العالم
خاصة من الأمريكيين والأوروبيين ممن
عرف عنهم تمويلهم
لمشاريع تهويد القدس، وممن يرغبون
بامتلاك شقق فاخر قريبة من حائط البراق،
حتى يتسنى لهم إقامة شعائرهم الدينية
اليهودية براحة قصوى وتواصل سريع
ودائم، كما وعلم ان سعر المتر المربع
الواحد من الشقق التي ستعد سيصل ثمنه ما
بين 15-20 ألف دولار أمريكي وسيبلغ ثمن
الشقة بسعة 250م2 إلى خمسة ملايين
دولار أمريكي. هذا
وخلال رصد مؤسسة الأقصى لواقع الحال
لبناية المجلس الإسلامي الأعلى وجدت أن
أغلب ما بداخل البناية قد أتلف، وقد
تساقطت الجدران الداخلية وخرّب الكثير
من روعة البناء الداخلي، ولم يبق إلاّ
الواجهة الخارجية الشرقية والشمالية
وإن أصابها أيضا الكثير من التلف. ووصفت
مؤسسة الأقصى في بيان كشفها عن جريمة
المؤسسة “الإسرائيلية”: "انها تندرج
في إطار الحرب المسعورة التي تقترفها
المؤسسة “الإسرائيلية” بحق المقدسات
والأوقاف السلامية والمسيحية في القدس
في مسعاها المحموم لتهويد القدس وطمس كل
المعالم العربية والإسلامية،
وتغييب التاريخ والحضارة العربية
والإسلامية". 59
عاماً على نكبة بناية المجلس الإسلامي
الأعلى وكانت
المؤسسة “الإسرائيلية” منذ تسع وخمسين
عاماً أي عام النكبة الفلسطينية 1948م، قد
وضعت يدها على بناية المجلس الإسلامي
الأعلى، حيث سيطرت قوات الجيش “الإسرائيلي”
على غربي مدينة القدس، حتى حدود ما يسمى
بـ"خط الهدنة" حيث تقع تحديدا
بناية المجلس الإسلامي الأعلى، وقامت
المؤسسة “الإسرائيلية” على الفور
بمصادرة المبنى واستولت عليها بحكم
قانونها الجائر المعروف بقانون "أملاك
الغائبين"، واستعمل بعدها لسنين
طويلة كمبنى لوزارة الصناعة والتجارة “الإسرائيلية”
حتى العام 2003م، حيث تناقلت السيطرة عليه
رسمياً بين شركات “إسرائيلية” إلى أن
تم بيع البناية لثري يهودي "حريدي-
متدين متزمت" من أمريكا بمبلغ 20 مليون
دولار، وأخيراً أعلن عن مخطط لتحويل
بناية المجلس الإسلامي الأعلى والمساحة
المرافقة إلى عمارة شقق فاخرة في إطار
مخطط استيطان تهويدي في المحيط القريب
من البلدة القديمة في القدس بمبادرة
ومساهمة الثري اليهودي المذكور ويندرج
هذا المخطط تحت المشروع المسمى بـ"مشروع
ماميلا" الذي يلف المنطقة الغربية
لأسوار القدس القديمة والمطلة على
المسجد الأقصى المبارك. بناية
المجلس الإسلامي الأعلى مأثرة عمرانية
إسلامية بالقدس وبنى
المجلس الإسلامي الأعلى هذه البناية
المتحدث عنها بعد أحد عشر شهراً من
العمل المتواصل عام 1929م، ويفصلها عن
مقبرة مأمن الله، شارع إسفلتي عريض، وهي
المقبرة المهمة التي تضم رفات صحابة
أجلاء قادة وفاتحين وعلماء ومؤرخين
وقادة جيوش من مختلف العالم الإسلامي،
وبعد عام 1948م، ووقوعها تحت السيطرة “الإسرائيلية”،
تم تحويل جزءا من المقبرة إلى حديقة
للشاذين اليهود، وقسم آخر لموقف
سيارات، والآن يتم بناء ما يطلق عليه (متحف
التسامح) على ما تبقى من المقبرة. وصاحب
فكرة مشروع بناية المجلس الإسلامي
الأعلى هو الحاج أمين الحسيني، الذي
أراد تشييد مبنى على الطراز المعماري
الإسلامي، في الوقت الذي كانت فيه
الحركة الصهيونية تبني مشروعها وتشيّد
أحياء يهودية بدعم من الاحتلال
البريطاني، خصوصا فيما كان يعرف بغربي
القدس. وفي
تلك الفترة كان أثرياء من اليهود يبنون
فندق الملك داود في تلك المنطقة، فبدأ
الحاج أمين باسم المجلس الإسلامي
الأعلى بناء فندق في منطقة ماميلا، ذات
العمق الإسلامي، والتي تحولت إلى منطقة
تجارية هامة في القدس الجديدة، تضم بنوك
ومخازن تجارية ومكاتب حكومية. وعلى
أرض أهدتها البطريركية الأرمنية لحكومة
الانتداب البريطاني، بنت الأخيرة دائرة
عامة للبريد في الحي، الذي كان فيه أيضا
محلّ كبير لشركة سبينيس لبيع الملابس
واللحوم والبضائع البريطانية
المستوردة، ووجد في الحي مستشفى حكومي
للحيوانات، وسوق الجمعة لبيع المواشي،
ودور للسينما وفي مثل هذا الأجواء،
صَمّم بناء الفندق الذي يرعاه الحاج
أمين الحسيني وبادر إليه، للتأكيد على
الوجود الفلسطيني السياسي والثقافي في
غرب المدينة، المهندس المعماري التركي
النحاس بك، وأعلن في الصحف المحلية عن
عطاء البناء. وانتهى
العمل في المبنى يوم 22 كانون الأول (ديسمبر)
1929م، ونقش على واجهة المبنى من الأعلى
بحروف بارزة "مثلما بنى آباؤنا
وفعلوا نبني ونفعل"، في إشارة واضحة
إلى الاستمرارية والحفاظ على الهوية
الوطنية والدينية، ورأى البعض في هذا
النقش الذي أمر به المفتي إشارة إلى
التشابه المعماري بين هذا البناء
والمباني الإسلامية في الوطن العربي
والأندلس، وأصبح المبنى يُشار له كأحد
أهم المباني في المدينة المقدسة، ودعا
المجلس الإسلامي الأعلى لحفل افتتاح
له، حضره وجهاء وسياسيون وأعيان. وتحول
المبنى بطوابقه الأربعة إلى شاهد سياسي
جديد، كما أراده المفتي، وتميز الفندق
بفخامته، وضم 140 غرفة، 45 منها تشبه
الأجنحة مع حمامات، وخصصت ثلاثة مصاعد
لاستخدام النزلاء، تمتعوا بتدفئة
الفندق المركزية في أيام الشتاء،
وبالمطعم الفخم، وكل هذه المزايا
اعتبرت في حينها، نوعا من الرفاهية
الفائقة، التي ميزت هذا الفندق
الفلسطيني الذي لفت الانتباه بعمارته
الإسلامية الواضحة، والذي شبهه البعض
بقصر الحمراء في غرناطة. واحتوى
الطابق الأول على ممر طويل محاط بأعمدة
على الجانبين، وسقف مقوس يفضي إلى
الداخل المغطى بالسجاد الفاخر والنادر
الذي كان يعطي مع الثريا الطويلة
المعلقة في السقف رونقا مميزا، وتميز
الشكل الخارجي للفندق بالنوافذ
المقنطرة وبأحجاره وتصميمه الهندسي
اللافت. واستولى
المحتلون البريطانيون في عام 1936م، على
المبنى، وحوّلوه إلى مقرٍّ حكوميٍّ،
حيث استولت المؤسسة “الإسرائيلية” على
المبنى ، إلى أن وصل الأمر إلى ما وصل
إليه بعد 59 من مساعي التهويد المستمرة. بناية المجلس الإسلامي الأعلى مفخرة عمرانية إسلامية (تصوير محمود نائل)
هدم وتخريب للغرف الداخلية في بناية المجلس الإسلامي الأعلى (تصوير محمود نائل)
الجرافات الصهيونية تباشر هدم بناية المجلس الإسلامي الأعلى (تصوير محمود نائل)
بعض
آثار الهدم الذي طال بناية المجلس
الإسلامي الأعلى (تصوير محمود نائل)
المصدر: محمود أبو عطا - مؤسسة الأقصى
|
|
للحصول
على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى
التسجيل في القائمة البريدية للموقع: alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com
|