نشرة الأقصى الإلكترونية

تقرير إخباري  

خطّة صهيونية متسارعة لضمّ القدس المحتلة إلى الكيان الصهيونيّ وفصل شمال الضفّة الغربية عن جنوبها

 

مسار الجدار الصهيوني في شرق القدس

القدس المحتلة، الأربعاء 14-6-2006 - استهجن عصام فرعون -رئيس مجلس العيزرية الواقعة شمال شرق القدس المحتلة- قرار المحكمة العليا الصهيونية القاضي بردّ الالتماسات المقدّمة ضدّ بناء جدار الفصل العنصري وتوسيع مغتصبة "معالية ادوميم"،  مشيراً إلى أنّ العيزرية المتاخمة لمدينة القدس المحتلة؛ والتي تشكّل موقعاً استراتيجياً يربط شمال الضفة الغربية مع جنوبها ومع المدينة المقدسة كانت قبل عام 1967 تمتلك 11 ألف دونم من الأراضي الخصبة والتي يشكّل جزءٌ كبيرٌ منها مصدر دخلٍ أساسي للسكان من خلال الزراعة بمختلف أنواعها، وكانت تعتمد على "بئر العد" و"عين الحوض" و"عين مهندس" كمصادر للمياه. وبعد عام 1967 اتجهت الأطماع الصهيونية نحو العيزرية والمنطقة لاعتباراتٍ كثيرة، فأقيمت مغتصبة "معاليه ادوميم" على أراضي البلدة ومن ثم تمّ الاستيلاء على مصادر المياه وحفر بئرٍ عميقة في سهل "رأس العيازرة" ليتواصل مخطّط ابتلاع أراضي البلدة يوماً بعد يوم، عندما زحف غول الاستيطان والجرافات إلى قلب البلدة لينهشها ويحوّل حياة أهلها إلى جحيم بعد أنْ تقلّصت المساحات المتاحة إلى حواليْ ألفيْ دونمٍ فقط ما يحول دون عملية التوسع العمراني والسكاني. كما شُلّت الزراعة بعد أنْ مُنِع أصحاب الأراضي من استغلال أراضيهم في المناطق الخاضعة للسيطرة الأمنية الصهيونية (c) ومع شحّ مصادر المياه التي تحولت إلى إنعاشٍ وتسمين لمغتصبة "معاليه ادوميم".

 وأضاف فرعون أنّ جدار الفصل ومشروع (e1) سيقضي على كل آمال وتطلعات سكان البلدة في الوصول إلى الحدّ الأدنى من العيش بكرامةٍ وأمان واستقرار. فالمشروع يخنق البلدة من جميع الجهات ويحوّلها إلى سجنٍ كبير يفتقر إلى أبسط الحقوق الإنسانية ويسلب الإنسان حقوقه في العيش والتنقّل، مستهجناً قرار المحكمة الصهيونيّة بتبرير الاعتداءات الصهيونيّة من توسيع استيطاني وابتلاع أراضي وإغلاق طرق وسجن آلاف الأطفال والشيوخ والنساء وراء جدرانٍ شاهقة وقطع كلّ قنوات التواصل مع الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية مع المناطق المحيطة وبخاصةٍ مدينة القدس المحتلة.

 

وأشار فرعون إلى أنّ المخطط الصهيونيّ (e1) وجدار الفصل يقضي بتحويل أراضي العيزرية المبتلعة إلى منطقة خضراء وعلى قمّتها سيُقام مركزٌ جماهيري للمستوطنين ما يعني تقطيع أوصال البلدة والسيطرة على محيطها بالكامل حيث يمتدّ مسار الجدار 12 كيلومتراً.

 

وقال: إنّ قرار المحكمة العليا الصهيونية الذي يبرّر توفير الحماية والأمن للشارع رقم 1 وهو طريق "الزعيم" الذي أقيم مطلع التسعينات وشارع رقم 417 وهو طريق أريحا-القدس أقيم بعد اتفاقية أوسلو عام 1997؛ يُعَدّ انتهاكاً لكلّ القوانين والأعراف الدولية؛ لأنّ هذه التغييرات تقوم على إحداث تغييرٍ على أرض الواقع لأراضي المنطقة المحتلة عام 1967 ومن أجل توسيع الاستيطان على حساب سكان البلدة وأراضيهم ومصادر دخلهم وأمنهم.

 

من جانبها حذّرت السلطة ومؤسسات ودوائر قانونية وبحثية من خطورة الإجراءات التي تقوم بها السلطات العسكرية الصهيونية في جنوب وشرق مدينة القدس المحتلة تمهيداً لتنفيذ فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها من خلال التجمّع الاستيطاني في "معاليه ادوميم" والمنطقة الصناعية التابعة لها والمغتصبة الجديدة المسمّاة (E1) والتي تم الانتهاء من إقامة البنى التحتية فيها.

 

ونوّهت دائرة شؤون المفاوضات ومعهد الأبحاث التطبيقية-القدس (أريج) إلى تكثيف الإجراءات والعمليات على أرض الواقع من خلال الشروع بحفر وتجريف الأراضي عملياً في ظلّ غياب الضغط الدولي على الكيان الصهيوني للكفّ عن إجراءاتها الأحادية في القدس وتقطيع أوصال الضفة الغربية.

 

وقال الدكتور جاد إسحاق -مدير عام "أريج"- لمراسلنا: "لقد وضعت المحكمة العليا الصهيونية نهايةً لأحلام سكان قرية العيزرية في القدس باستعادة أراضيهم بالطرق القانونية حيث تم رفض التماسهم لتغيير مسار جدار الفصل العنصري؛ والمعروف بغلاف القدس حول تجمّع (معاليه ادوميم) الاستيطاني".

 

هذا وقد بنَتْ المحكمة العليا الصهيونية رفضها طلب أهالي قرية العيزرية المتعلق بتغيير مسار الجدار في مناطق سكنهم على أساس أنّ ما قام به الجيش الصهيونيّ في وقتٍ سابق من تعديلات يتناسق والمبرّرات الأمنية الصهيونية!!.

 

ونوّه إلى أنّ أهالي قريتيْ "أبو ديس" و"السواحرة الشرقية" هم أيضاً بصدد الانتظار للحصول على قرارٍ من المحكمة العليا الصهيونية التي تتبنّى موقف الحكومة الصهيونية العنصرية حول تغيير مسار جدار الفصل العنصري في القريتين غير أنّ الوقائع على الأرض ورفض الالتماس المقدّم من أهالي العيزرية لا يشير إلى عزم المحكمة قبول التماسهم بل المماطلة والتسويف لحين الانتهاء من بناء مقاطع أخرى من الجدار الصهيوني العنصري الذي من المتوقّع أنْ ينتهي العمل فيه حول القدس مع منتصف العام المقبل.

 

وقال د. إسحاق: "يُعَدّ تجمّع (معاليه أدوميم) الاستيطانيّ الصهيونيّ من أكبر وأخطر التجمّعات الاستيطانية الموجودة في الضفة الغربية لكونه موجوداً ضمن محافظة القدس المحتلة، فضلاً عن أنّه يشكّل خطراً جغرافياً على تواصل جنوب وشمال الضفة الغربية وعازلاً لمنطقة القدس المحتلة عن باقي محافظات الضفة ما يشكّل عائقاً أمام تطلعات الشعب الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة ذات تواصل جغرافي عاصمتها القدس الشريف".

 

وتابع يقول: إنّه مع بداية المشروع الصهيوني لعزل الضفة الغربية وتقطيع أوصالها من خلال بناء جدار الفصل العنصري حظيت منطقة تجمع "معاليه ادوميم" باهتمام اللجنة القائمة على مسار الجدار، وذلك لخصوصية الموقع وتقاربه المستمرّ مع الجزء الشرقي من مدينة القدس حيث تمّ وضع مخطط جديد تحت مسمى (E1) يهدف لبناء تجمّعٍ سكانيّ استيطاني جديد تابعٍ لمغتصبة "معاليه أدوميم" يهدف إلى ربط المغتصبة مع قلب المدينة المقدسة وفي الوقت نفسه قطع الطريق على القرى والبلدات الفلسطينية الموجودة هناك (أبو ديس، العيزرية، الطور، العيسوية وعناتا) من حقوقها التاريخية في التوسع العمرانيّ. هذا بالإضافة إلى إيجاد حزام عمرانيّ صهيوني عائق أمام وجود مناطق اتصال جغرافية طبيعية بين شمال وجنوب الضفة الغربية.

 

وأشار إلى أنّ مسار الجدار الفاصل العنصري المحيط بتجمّع (معاليه أدوميم) الاستيطاني خضع لأكثر من تغييرٍ منذ الإعلان عن عزم الكيان الصهيوني على  إنشاء الجدار في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة.

 

هذا وقد كان مسار الجدار في المنطقة هناك قد تم الإعلان عنه بحسب خريطة مسار الجدار على الموقع الإلكتروني للجيش الصهيونيّ المجرم بتاريخ 30/6/2004 حيث بلغ طول مسار الجدار حول تجمّع "معاليه أدوميم" 33 كيلومتراً في حين أنّ مساحة الأراضي التي سيتمّ عزلها عن أصحابها خلف الجدار قد بلغت 39 ألف دونم (39 كم مربّع)، والتي تشكّل ما مساحته 0.7% من مساحة الضفة الغربية، منها 11500 دونم (11.5 كم مربّع) مناطق استيطانية وعسكرية، حيث يوجد فيها بالإضافة إلى مغتصبة "معاليه أدوميم" المنطقة الصناعية التابعة لها "ميشور أدوميم" وعدد من المواقع العسكرية التي تمتدّ حتى مشارف البحر الميت شرقاً.

 

هذا وقد بلغت مساحة الأراضي التي سيتمّ بناء الجدار عليها بحسب المسار في حينه 2كم مربّع. وقال د. إسحاق: "على خلاف ما جاء في قرار محكمة لاهاي الدولية الصادر بشهر تموز/يوليو من العام 2004 والذي تدعو فيه (إسرائيل) إلى إزالة الجدار لما يحدثه من آثار مدمّرة في حياة المواطنين الفلسطينيين، عكفت الحكومة الصهيونية المجرمة على تعديل مسار الجدار في الضفة الغربية لأسبابٍ استراتيجية وأمنية خاصةً بعيداً عن أيّ التزامٍ بقرار محكمة لاهاي وأيّ اعتباراتٍ تتعلق بمصلحة المواطنين الفلسطينيين، حيث تم إدخال بعض التعديلات الطفيفة وغير الجذرية في مناطق مختلفة في الضفة الغربية في حين أنّ التعديل الأخطر والأكثر وضوحاً قد حدث على مسار الجدار المحيط بالقدس، حيث أظهرت التعديلات أنّ المسار الخاص للجدار في محافظة القدس المحتلة والذي يضم تجمع مغتصبات (معاليه ادوميم) قد زاد بنسبة 40% عن المسار السابق ليصبح طول الجدار بحسب التعديل على الخريطة الموجودة على الموقع الإلكتروني للجيش الصهيوني 46 كم. كما أظهرت الخريطة وبحسب المسار الجديد أنّ المساحة التي سيتمّ ضمّها داخل الجدار في تجمّع (معاليه أدوميم) قد أصبحت 62 ألف دونم (62 كم مربّع) أيْ بزيادةٍ قدرها 59% عن المساحة في العام 2004. كما أصبحت مساحة تجمع (معاليه أدوميم) والتي تبلغ 1% من مساحة الضفة الغربية تضمّ 8  مغتصبات صهيونية بالإضافة (لمعاليه أدوميم) و(ميشور أدوميم) و(متسبه يهودا) و(كفار أدوميم) و(كيدار) و(ألون) و(نفيه برات) و(ألمون) التي تُعرَف أيضاً باسم (عناتوت)".

 

وشدّد على أنّ جميع القضايا القانونية التي رفعها المواطنون الفلسطينيون أمام المحاكم الصهيونية للطعن بقانونية إقامة الجدار في محيط القدس المحتلة أو حسبما يعرف أيضاً بـ"غلاف القدس" حسب المخطط الصهيوني للسيطرة على المدينة، والتي ما تزال تنتظر حكماً قضائياً في الموضوع، باغت جيش الاحتلال أصحاب الأراضي الفلسطينية بإصدار 4 أوامر عسكرية بتاريخ 15/8/2005 بالبدء بالاستعداد للعمل في مسار الجدار في محيط تجمع "معاليه أدميم" تحت ما يسمّى "وضع اليد لأغراض عسكرية لإقامة الجدار" تأتي بمجموعها على 1585 دونماً، وهي جزءٌ من المسار المخطط في المنطقة هناك غير أنّ المساحة الفعلية للأراضي المصادرة تبلغ 1800 دونم وذلك حسب التحليل الذي أجرته وحدة المعلومات الجغرافية في معهد الأبحاث التطبيقية، أي بزيادة قدرها 215 دونماً عن المساحة المذكورة في الأوامر العسكرية.

 

وأكّدت دائرة شؤون المفاوضات أنّ القدس المحتلة هي المركز الروحيّ للمسلمين والمسيحيين. كما أنها المركز التاريخي للحياة السياسية الفلسطينية. وقالت: إنّ الكيان الصهيونيّ يسعى حالياً إلى فرض سيطرته وحده على المدينة وتهديد مستقبل مجتمعاتها الفلسطينية المسيحية والمسلمة واحتمالات الحل.

 

وكشفت الدائرة عن أنّ حكومة الكيان الصهيونيّ هدمت بين الأعوام 1999 و2004 أكثر من 343 منزلاً فلسطينياً في المدينة، في الوقت الذي اجتثّت فيه الحكومة الصهيونيّة الفلسطينيين من القدس الشرقية المحتلة، وقامت أيضاً ببناء آلاف الوحدات الاستيطانيّة لـ185 ألف مستوطن صهيوني يعيشون الآن بصورة غير قانونية في القدس الشرقية المحتلة.

 

وأكّدت أنّ توسيع المستوطنات وعزل المجتمعات الفلسطينية في القدس المحتلة يعمل على تقويض الوجود الفلسطيني في المدينة ويُقيّد أيضاً تطوّر ونمو المجتمعات الفلسطينية الباقية. والمشكلة في القدس هي أنّ الحكومة الصهيونية المجرمة تتخذ إجراءاتٍ تُهدِّد حقّ الشعب الفلسطيني بالعيش في دولة خاصة به قابلة للحياة والبقاء في مجتمعاته التاريخية.

 

وأوضحت أنّ الجدار والمستوطنات حول القدس الشرقية يعمل على تغيير الوضع الديمغرافي للمدينة، بحيث تقوم سلطات الاحتلال بجلب المستوطنين، وخلق ظروفٍ معيشية لا تُطاق للفلسطينيين في القدس للقضاء على الوجود الفلسطيني في المدينة.

 

وأضافت أنّ إخلاء القدس الشرقية من الفلسطينيين وتقييد وصولهم إليها من باقي الضفة الغربية وقطاع غزة يفصلها عن الدولة الفلسطينية المستقبلية. واستعرضت الدائرة سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصهيونية وفي مقدمتها إقرار الحكومة الصهيونية في 20 شباط/فبراير 2005 مساراً جديداً للجدار. وبعد مرور شهرٍ على ذلك في 21 آذار/مارس 2005 أعلنت خطّتها لبناء 3500 وحدة استيطانيّة إضافيّة في أكبر مغتصبة صهيونية  هي "معاليه أدوميم". ويجري العمل في بناء الجدار وتوسيع "معاليه أدوميم" وفقاً لخطة الحكومة الصهيونيّة الحالية (E1) بهدف تدعيم سيطرة الكيان الصهيونيّ على القدس المحتلة بفصل الفلسطينيين عن منازلهم وأعمالهم.

 

وكشفت الدائرة بعض جوانب الخطة (E1) وهي اختصارٌ لـ (Plan East 1) وهي خطة إدارية مصمّمة لربط "معاليه أدوميم" بالقدس المحتلة من خلال بناء 3500 وحدة سكنية، ومنطقة صناعية، ومكاتب، ومراكز ترفيهية ورياضية، وعشرة فنادق، ومقبرة. وتهدف الخطة (E1) إلى زيادة أعداد المستوطنين في "معاليه أدوميم" إلى 70 ألف مستوطنٍ بحلول عام 2008. وهنالك حالياً 30.400 مستوطنٍ يعيشون بصورة غير قانونية في "معاليه أدوميم".

 

وبوجود الخطة (E1-1) تكون حدود كتلة "معاليه ادوميم" أكبر من حدود تل أبيب. وأكّدت أنّ تطبيق الخطة وتوسيع "معاليه أدوميم" يستأصل فعلياً القدس الشرقية المحتلة من باقي الضفة الغربية. وتهدف الخطة أيضاً إلى تنفيذ ثلاثة أمور، الأول: تقييد النمو الطبيعي للمجتمعات الفلسطينية على الأرض الفلسطينية داخل وحول القدس الشرقية، والثاني: شطر الضفة الغربية إلى نصفين وبذلك منع التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية، والثالث: تطويق القدس الشرقية، عاصمة فلسطين، بأراضي ومواطني كيانٍ غاصب.

 

لكن الخطة (E1) ليست مبعث القلق الوحيد داخل وحول القدس، إذْ يبقى هنالك رابط جغرافي آخر بين بيت لحم وصور باهر على أراضٍ ذات ملكية خاصّة لسكان بيت لحم الذين يفصلهم الجدار عنها الآن. كما يمكن أنْ يكون لعمليات التطوير في الكتلة الاستيطانية "عتصيون" جنوب القدس المحتلة، وكتلة "غيفعون" شمال القدس المحتلة، آثاراً تدميرية مأساوية على القدس وفرص الاستقرار في المنطقة.

 المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com

عودة