حصار وحواجز
وجدار وضرائب
القدس
: تضييق اقتصادي اجتماعي لتشجيع الهجرة
القسرية بهدف خفض عدد الـمقدسيين وتهويد
الـمدينة
كتبت هبة الطحان:
القدس
المحتلة، الجمعة، 7 - 7-
2006- "تراكمت
الديون علي من كل جانب، ولا أستطيع دفع
أجرة الـمحامي، فهناك قضايا مرفوعة حاليا
تنظر فيها الـمحاكم الصهيونية، ولا أعرف
متى ستنتهي، أو كم أحتاج من السنوات
لتسديد ديون الضرائب والأرنونا".
بهذه الشكوى، استهل عبد الله حديثه، عندما
توجهنا اليه بسؤال حول أوضاعه الاقتصادية
في الوقت الحالي كمواطن مقدسي، وقال:
يقترب قطاع السياحة في القدس من حافة
الانهيار، بسبب عدم اهتمام السلطة
الفلسطينية بدعمه في ظل الإجراءات
الصهيونية الـمعقدة والضرائب والـمنغصات
الأخرى التي تحول دون تطوير هذا القطاع،
أو حتى الاستمرار به كالـماضي.
ووجه عبد الله، الذي فضل عدم نشر اسمه
الكامل، اللوم للسلطة الفلسطينية بسبب
"تهميش قضايا القدس"، وعدم إدراجها
ضمن سلـم الأولويات، معتبرا "قطاع
السياحة أحد أهم القطاعات الحيوية في
الـمدينة، حيث يشغل أعدادا كبيرة من
الـمقدسيين، ابتداء من بائع الكعك، ومحال
بيع التحف الشرقية (السنتواري)، وليس
انتهاء بالفنادق والحافلات السياحية
والبازرات".
وفي السياق ذاته، حذر عبد الله من تعطيل
الحركة التجارية في القدس الشرقية، وعدم
استمراريتها بسبب الأوضاع السياسية،
وارتفاع نسبة الهجرة القسرية إلى خارج
الـمدينة، لافتا إلى أن "هذا ما يسعى
اليه الكيان الصهيوني، لتخفيض عدد
الـمقدسيين، وبالتالي تهويد الـمدينة
بالكامل".
وما يقوله عبد الله يبدو لسان حال الـمئات
ممن يعملون في التجارة في القدس الشرقية،
الذين يعانون "بصمت" من الإجراءات
الصهيونية التعسفية داخل الـمدينة، إضافة
الى عمليات الإغلاق والحصار ونقاط
التفتيش والحواجز والجدار الفاصل، التي
تحول دون تنشيط الحركة التجارية من خلال
منع مواطني بيت لحم والخليل ورام الله
ونابلس وطولكرم وجنين من الوصول الى
القدس، الأمر الذي يفاقم تدهور الوضع
الاقتصادي داخل الـمدينة الـمقدسة.
وقال زياد الحموري، مدير مركز القدس
للحقوق الاجتماعية والاقتصادية: تقوم
السلطات الصهيونية، منذ أواخر العام 2005،
بمحاولات جادة باتجاه خلق وقائع جديدة على
الأرض، مشيرا إلى أن "سياستها مبرمجة
وليست صدفة، حيث إن الحصار الذي فرضته
قوات الاحتلال الصهيوني على الـمدينة منذ
العام 1993، كان اقتصاديا بالأساس".
وأوضح أن الجدار والتصاريح وسياسة سحب
الهويات، وتفعيل قانون "حارس أملاك
الغائبين"، جميعها توظف باتجاه محاصرة
القدس الشرقية، وبضمنها كذلك تجديد
الحصار الاقتصادي حول القدس.
وأشار الحموري الى تكثيف السلطات
الصهيونية للحملات الضرائبية بشكل ملحوظ،
والتواجد الشرطي الـمكثف لـمضايقة
الـمقدسيين، مؤكدا أن "هدفهم من وراء
هذا التواجد مضايقة الـمقدسيين وليس
حماية الأمن، كما يدعون، حيث تباع
الـمخدرات في الشوارع، كما انتشرت
السرقات، بهدف خلق حالة من عدم الاستقرار
والأمن لجميع الـمقدسيين، وهو الأمر الذي
يعتبر من أهم شروط ازدهار الاقتصاد في
القدس".
وتتحدث سحر محمود، صاحبة محل بيع ملابس في
شارع صلاح الدين، عن معاناتها، قائلة:
أعيل سبعة أنفار، وجميعهم مسؤولون مني،
والوضع يسوء يوما بعد يوم، ولو أن إيجار
الـمحل مرتفع، لكنت أغلقته منذ زمن.
وتشير الى ان "معظم الزبائن لا يتمكنون
من الشراء، مؤخرا، الا بشق الأنفس او
للضرورة، بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة"،
مؤكدة ان متجرها "بالكاد يغطي تكلفته،
كما ان العديد من الزبائن من الخليل وبيت
لحم ورام الله ونابلس لا يتمكنون من
الوصول نهائيا".
وتنوه محمود الى ان معظم متاجر الـملابس
في القدس، "تم تحويلها الى بازارات تبيع
بسعر منخفض جدا، ولا تلتفت الى النوعية او
(الـماركة)، وهذه النوعية من البازارات
تلاقي اقبالا واسعا من الجمهور تفتقد اليه
الـمتاجر التي تحرص على جودة ومصدر
الـملابس".
وحسب مركز القدس للحقوق الاجتماعية
والاقتصادية، فإن أكثر من 25% من الـمحال
التجارية مغلق بشكل تام بسبب الحصار،
والضرائب الـمرتفعة التي تفرضها السلطات
الصهيونية على الفلسطينيين.
وبرأي الحموري، فإن "السلطات الصهيونية
تقوم بفرض حقائق جديدة، كسعيها إلى تقليص
اعداد الـمقدسيين داخل القدس الشرقية من
240 ألفا الى 40 أو 50 ألفا في محيط القدس
الشرقية والبلدة القديمة، وذلك حسب خطة
الخارطة الهيكلية للعام 2020".
وترى محمود ان "انخفاض الدخل يسبب ضغطا
نفسيا وعصبيا، خاصة مع مضايقات الشرطة
الصهيونية، من خلال التواجد الـمستمر
واصطياد الـمواطنين لتحرير الـمخالفات
لهم، وكذلك ارتفاع ضرائب الارنونا وضريبة
الدخل، التي لا تراعي سوء الحالة
الاقتصادية، فالعام الذي مضى كان أفضل من
العام الحالي من حيث مدى سوء الأوضاع
السياسية والاقتصادية".
ولا تختلف معاناة فهمي عوض الله، وهو صاحب
مطعم صلاح الدين في القدس، عن الاخرين،
ويقول: يجب علي دفع 300 ألف شيكل كضريبة
ارنونا، وأدفع حاليا من خلال الـمحكمة.
واكد ان "سوق العمل ضعيفة جدا، فالكساد
الاقتصادي يزداد بسبب الجدار والحواجز،
وضعف حركة السياحة، إضافة الى فرض الضرائب
العالية، والتأمين الوطني وضريبة
الأرنونا".
ولا يأمل عوض بتحسن الحالة الاقتصادية في
ظل استمرار وجود الحواجز والجدار الذي
يحيط بمدينة القدس من جميع الـمداخل.
ونوه الى "عدم وجود جهات مهتمة، كالبنوك
أو الـمؤسسات، لـمساعدة الـمقدسيين في
الوقوف من جديد أمام التحديات التي
يواجهونها".
وعلى الصعيد ذاته، أشار الحموري الى أن
نسبتي الفقر والبطالة مرتفعتان جدا، وذلك
حتى حسب الـمصادر الصهيونية، حيث تجاوزت
نسبة البطالة 40% في صفوف الـمقدسيين،
بينما تجاوزت نسبة الفقر 50%.
وبرأيه، فإن اغلاق الجدار ستكون له نتائج
مدمرة على العائلات الـمقدسية، ويقول: حتى
الان، نرى نتائج أولية لهذا الاغلاق، لكن
بعد اتمام اغلاق جميع الـمنافذ ستكون
النتائج كارثية على الـمقدسيين، مع خلق
مشاكل اقتصادية من شأنها نشوء مشاكل
اجتماعية، كالطلاق أو الانفصال، إضافة
الى الـمشاكل الصحية والتعليمية.
وحول الهدف من ذلك، يشير الحموري الى ان
"الكيان المحتل يسعى للسيطرة على القدس
كاملة دون سكان، وما يتبقى من العدد
الـمطلوب (50 ألفا)، سيكونون في خدمة
الـمستوطنين للقيام بالأعمال التي لا
يقوم بها الصهيونيون اليهود"!
وحذر من نتائج سعي سلطات الاحتلال الى "تحويل
الـمناطق الـمحيطة بأحياء القدس من
طابعها العربي الفلسطيني، الى الطابع
الصهيوني، من خلال الاستيلاء على
الـمنازل والتضييق على السكان الـمقدسيين
بشتى الوسائل".
المصدر:
مركز القدس للحقوق الاجتماعية
والاقتصادية
|